قبلها دَليل عَلَيْها، والهاء في قَوْلهُ:"وَيَتَّقِهِ" مفعول (يتَّق)، وهي: ضمير مبني على الكَسْرة، لكن على قِراءَة "وَيَتَّقِه" - سكون الهاء - على خلاف الَّذِي نعرف من اللُّغَة العربيَّة، فنقول: سكنت للتخفيف، لأَن "وَيَتَّقِه" أخف من "وَيَتَّقِهِ" فهي مسكنة للتخفيف.
على قِراءَة حفص {وَيَتَّقْهِ} سكنت مع أنَّها مجزومة بحذف حرف العِلَّة؛ لأَن (يتَّقي) لا شَك أنَّه فاعل ناقص آخِره حرف عِلَّة، فالإِشْكال الآن في تسكين القاف مع أن الفِعْل معتل آخِره لَيْسَ حرفًا صحيحًا، والمعتل يجزم بحذف حرف العِلَّة؛ فلماذا سكن؟
يُقال: إما أنَّه سكن تخفيفًا {وَيَتَّقْهِ} أو سكن على تناسي حرف العِلَّة، كأن حرف العِلَّة نسي وصَارَ فعلًا صحيحًا، والفِعْل الصَّحيح يجزم بالسكون.
والتَّقْوى: تقدَّم كثيرًا في تفسير التَّقْوى بأنَّها اتخاذ وقاية من عَذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، فما الرَّبط بينها وبين الخَشْيَة؟
يقال: التَّقْوى في الحَقيقَة نتيجة الخَشْيَة؛ لأَن من خشي الله اتَّقاه، الَّذِي يخافه بهيبة وتعظيم وإجلال لا بُدَّ أن يتقيه، فالرَّبط بينها وبين الخَشْيَة أنَّها فرع عنها ونتيجة منها، فمن خشي الله اتَّقاه بلا شَك؛ لأَن نفس الخَشْيَة عبادة فتحصل التَّقْوى، فكون الْإِنْسَان في قلبه خوف من الله وتعظيم له هَذِهِ عبادة من أعظم العِبادات، والطَّاعة في الغالِب لا تَكُون إلا عن محبَّة، فحينئذٍ تَكُون الخَشْيَة؛ لأنَّه لا يُمْكِن لِلإنْسان أن يطيع أحدًا في شَيْء إلا عن محبَّة للآمر أو للمأمور أو خوفًا منه، أما إِذَا كَانَ يبغض الْأَمْر فلا يُمْكِن أن يطيعه وهو يسْتَطيع أن يتخلص منه؛ لأَن من لم يحب شخصًا فلن يطيعه إلا خوفًا منه.