للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: مستتر، لأنَّنا لو قُلْنا: مستتر صَارَ هو الفاعل، بل نقول: محذوف، فإما أن نقول: ولبئس المصير النَّار، أو: ولبئس المصير هي.

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: تمام قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ، وأن الكافرين مهما بلغوا من القدرة فلَيْسَوا بمعجزين الله، وكون الله تَعَالَى يُملي لهم لا يدُلّ على عجزه عنهم، بل يدُلّ على حكمته في تأخير الْعَذَاب عنهم.

الفَائِدة الثَّانية: أن أهل النَّار مُخَلَّدون فيها؛ لقَوْله: {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}، ولو لم يُخلَّدوا لكان مأواهم ما بعد النَّار، لأَن المأوى معناه المرجع الأَخِير، وهَذَا دَليل على أن النَّار دائمة لهم وأنهم مخلدون فيها، وقد ثبت في القُرْآن الكَرِيم تأبيد أهل النَّار في ثلاث آيات من القُرْآن، هي: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: ١٦٨، ١٦٩]؛ هَذَا في سورة النِّساء، أما في سورة الأحزاب فقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب: ٦٤، ٦٥]، وفي سورة الجن قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣]. فهَذه ثلاث آيات صريحة تنص على تأبيد خلودهم.

وبهَذَا يُعرف ضعف قَوْل من قَالَ من أهْل العِلْم: إنه لا تأبيد لأهل النَّار، واشتبه علَيْه قَوْلهُ: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧)} [هود: ١٠٧]، ولم يشتبه علَيْه قَوْله تَعَالَى في أهل الجَنَّة: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: ١٠٨]؛ لأَنَّه قَالَ:

<<  <   >  >>