للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي قَوْلهُ: {صَدِيقِكُمْ} دَليل على أن للصداقة حقًّا، وهو كَذلِكَ، والسبب: الصِّلة الَّتِي بينك وبينه.

لو قَالَ قَائِلٌ: ما تقولون في المصاهرة وفي صلة الرضاعة، هل تدخل في صلة النَّسب أو في الصَّداقة أو لا تدخل؟

الجواب: تدخل في الصَّداقة إن كَانَ صديقك؛ فإن لم يكن بينك وبينه صداقة فلا يجوز الأكل من بيته.

لأَن كثيرًا من النَّاس يَكُون له أب من الرضاعة وبينهما عداوة، وكثير من النَّاس يَكُون له صهر وبينهما عداوة.

الحاصل: ما لم يكن بين الصّهر وصهره أو بين الرضيع ومرضعه صداقة فإنَّه لا يجوز الأكل من بيته.

قَوْلهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} {جَمِيعًا} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [مُجتمِعِينَ {أَوْ أَشْتَاتًا} مُتَفَرِّقِينَ جَمْع شَتّ] اهـ.

شَتّ وأشتات مثل سبب وأَسْبَاب، إلَّا أن سبب غير مدغمة، وشَتّ مدغمة.

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [نَزَلَ فِيمَنْ تحَرَّجَ أَنْ يَأْكُل وَحْده وَإِذَا لَمْ يَجِد مَنْ يُؤَاكِلهُ يَتْرُك الْأكَل] اهـ.

هَذِهِ يُقال: إنها كَانَت عادة لبعض العرب أنَّه لا يأكل إلَّا ومعه أحد، فإن لم يجد أحدًا يأكل معه لم يأكل شيئًا أبدًا، يموت من الجوع ولا يأكل إلَّا أن يجد أحدًا يأكل معه، وهَذَا لا شَك أنَّه دَليل على الكرم، لكنَّه كرم فيه إفراط.

<<  <   >  >>