للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الَّذِي سَنَّ هَذِهِ السُّنة، يعني: ابتدع العَمَل بها للنَّاس ودَلَّ عَلَيْها، فإن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: "مَنْ سَنَّ فِي الإسْلام سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بهَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (١).

وكَذلِك إِذَا كَانَ له أثر في العامِل مثل أن يَكُون والدًا له لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكمْ مِنْ كسْبِكُمْ" (٢)، فالوالد يَنتفِع بعمل ابنه إِذَا تبرع به له، ولِهَذَا جاء رجل إلى النَّبِيّ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وقال: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ" (٣).

وكَذلِك المَرْأَة الَّتِي سألت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن على أمها صوم شهر، فهل يجزيء أن تصوم عنها؟ فأذن لها النَّبِيّ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (٤).

وكَذلِك الأضحية؛ فإن الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - ضحى عن أمته، وفيهم من هو حي وميت (٥).


(١) أخرجه مسلم، كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة، حديث رقم (١٠١٧)؛ عن جرير بن عبد الله.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الوصايا، باب ما يستحب لمن توفي فجأة أن يتصدقوا، حديث رقم (٢٧٦٠)، ومسلم، كتاب الوصية، باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت، حديث رقم (١٠٠٤)؛ عن عَائِشَة.
(٤) أخرجه مسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، حديث رقم (١١٤٨)؛ عن ابن عبَّاس، ولفظه: أن امرأة أتت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، فقال: "أرأيت لو كان عليها دين، أكنت تقضينه؟ " قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق بالقضاء".
(٥) أخرجه ابن ماجة، كتاب الأضاحي، باب أضاحي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٣١٢٢)؛ عن عَائِشَة وأبي هريرة، ولفظه: "أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إِذَا أرد يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين؛ فذبح أحدهما عن أمته لمن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وعن آل محمد - صلى الله عليه وسلم -".

<<  <   >  >>