الجمْع؛ سواء في الجمعة أو في غيرها؛ فالله تَعَالَى عالم بهَؤُلَاءِ الَّذينَ يتسللون لائذين بشَيْء؛ لأنهم خرجوا عما كَانَ علَيْه المُسْلِمُونَ وعما يَجب عليهم أن يَكُونوا عليه.
وإنَّما نص على ذَلِك؛ لأَن المعْرُوف في علم النَّحو أن (قد) إِذَا دخلت على ماضٍ فهي للتحقيق، وإن دخلت على مُضارع فهي للتقليل؛ كقولهم: قد يجود البخيل، وقد يفهم البليد، وقد يسبق العاجز، وما أشبه ذَلِك، فـ (قد) هَذِهِ للتقليل، لكنها أحيانًا قد تأتي للتحقيق مثل هَذِهِ الآية:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا}، ومثل قَوْله تَعَالَى:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ}[الأحزاب: ١٨]، وإنَّما أُتي بالمُضارع هُنا لأجل أن يتبَيَّن أن هَذَا العِلْم لَيْسَ لما مضى فقط بل ولما يُستقبل؛ فعلم الله في هَؤُلَاءِ المتسلِّلين لَيْسَ علمًا بمن سبق تسلله بل بمن سبق تسلله وبمن يتسلل في المستقبل، ولذَلك توعدهم الله جَلَّ وَعَلَا على ذَلِك بأنه يعلم هَذَا العَمَل منهم، وإخباره بأنه عالم به دَليل على أنَّه سيجازيهم عليه، إِذْ لا فَائِدَة من الإخبار بالعلم إلَّا وقوع المجازاة على ذَلِك.
{فَلْيَحْذَرِ}(اللَّام) لام الْأَمْر، ولِهَذَا سكنت بعد (الفاء)، ومعنى (يحذر): يخاف، وإنَّما يُقال الحذر في مخوف محقق، أما المخوف غير المحقق فيقال فيه:"فليخف"، لكن قَوْلهُ:{فَلْيَحْذَرِ} دَليل على أن هَذَا الخَوْف واقع ويَجب الحذر منه.
وقَوْلهُ:{يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} المتبادر أن يقال يخالفون أمره؛ لأَن المخالفة فعل