متعدٍ بنَفْسِه، لا بـ (عن)؛ فكَيْفَ تُخَرّج الآيَة؟
تخرّج الآيَة على حسب ما تقدَّم على أحد الوجهين:
• إما أن يُجعل التجوّز بالحرف.
• وإما أن يجعل التجوّز بالعامِل.
فهُنا إما أن نقول:(عن) زائدة، وإما أن نقول: إن {يُخَالِفُونَ} بمَعْنى: (يخرجون عن أمره)، وعلَيْه تَكُون (عن) أصلية لا زائدة، لأنَّنا ضمنَّا الفِعْل معنى يُناسِب هَذَا الحرف فصَارَ هَذَا الحرف في موضعه، وهَذَا الأَخِير هو الأصح، فكلما جاء حرف لا يَتعلَّق بمثل عامله ظاهرًا فإننا نؤول هَذَا العامِل إلى عامل يُناسِب ذَلِك الحرف، ويسمى هَذَا التضمين، يعني: تضمين الفِعْل فعلًا مناسبًا للمعمول، فنجعل {يُخَالِفُونَ} مضمنة معنى: يخرجون، يعني: يخالفون فيخرجون عن أمره، وإذا ضمن الفِعْل الموْجُود فعلًا آخر صَارَ فيه دَليل على معنى هَذَا الفِعْل الموْجُود ومعنى الفِعْل المضمن؛ فالمَعْنى يخالف ويخرج، أي: يخرج مخالفًا لأمرهما.
وقَوْلهُ:{أَمْرِهِ} يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [أَي الله وَرَسُوله].
(أو) هَذِهِ لَيْسَت للشك ولكنها للتنويع، ومعنى التنويع يعني: إما أن يَكُون الضَّمِير عائدًا إلى الله، وإما أن يَكُون عائدًا إلى الرَّسُول، لكن أيهما أرجح؟
إذا نظرنا إلى قَوْله:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}، وقَوْلهُ:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} قُلْنا: للرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، وإذا نظرنا إلى ما بعد قَوْلهُ:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ}، وهو قَوْلهُ:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} قُلْنا: إنها عائدة إلى الله؛ فيَكُون هَذَا مفرع على ما يُفيده قَوْلهُ:{يَعْلَمُ}