قَوْلهُ:{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ}؛ لمَّا ذَكَر الله ما نحنُ علَيْه في الدُّنْيَا، ذكر ما نؤول إلَيْه يوم القِيامَة، فقال:{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} يعني: ويعلم يوم يرجعون إلَيْه، فعلمه تَعَالَى بالعَمَل بما نحنُ علَيْه في الدُّنْيَا حال العَمَل ويوم نرجع إلَيْه حال الحساب والجزاء فهو عالم بالحالين.
قَوْلهُ:{يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} هَذَا الخِطَاب ومقتضى السِّيَاق أنْ يقولَ: "ويوم ترجعون إلَيْه"، لكنَّه التفت عن الخِطَاب إلى الغيبة، وفائدة الالْتِفات تنبيه المخاطب؛ لأَن الأسلوب إِذَا تغير فلابُدَّ أن يتنبه المخاطب، بخلاف ما إِذَا كَانَ الأسلوب على نسق واحد فإن الْإِنْسَان ينسجم معه ولا يجد شيئًا يوجب الانتباه، وله أيضًا فوائد أُخْرَى لكن تُفهم من السِّيَاق، إنما الشَّيء المُهِمّ الدائم هو التَّنْبيه، ومن الفوائد الأُخْرَى ما ذكرنا في قَوْله تَعَالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٢ - ٤]؛ هَذَا كله غيب، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة: ٥]، هَذَا خطاب الفَائِدة منه التَّنْبيه، والفَائِدة الثَّانية: هو أنَّه لما وصفت الله بتِلْك الأوصاف صَارَ كأنه أمامك فخاطبته مخاطبة الحاضر؛ لقَوْلهُ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
وقَوْلهُ:[مَتَى يَكُون] في هَذَا نظر؛ لأنه لَيْسَ المُراد أنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم ما يرجعون إلَيْه متى يَكُون فقط، بل يعلم حالهم حينما يرجعون إلَيْه مع علمه متى يرجعون أيضًا، فمتى يرجعون إلَيْه عالم به بلا شَكٍّ، لكن السِّيَاق لا يؤيده بل يؤيد