أَنَّه عالم بهم حال عملهم وحال الجزاء على العَمَل، وَيكُون المَعْنى: ويعلم يوم يرجعون إلَيْه ماذا يَكُونون علَيْه من الحال، كما أن الله تَعَالَى يعلم متى يرجعون، سواء كَانَ رجوعًا عامًّا كيوم القِيامَة أم خاصًّا كموت الْإِنْسَان؛ هَذَا أيضًا مرجعه إلى الله عَزَّ وَجَلَّ.
وقَوْلهُ:{فَيُنَبِّئُهُمْ} أي: يخبرهم بما عملوا من خيرٍ وشر، وفائدة الإنباء هو الإقرار، يعني: يقررهم حَتَّى يَكُون جزاؤهم على وجه العَدْل الَّذِي أقروا به هم، فلا يَقُولُونَ: إننا ظُلمنا، بل الله يَقُول: علمتم كذا وعملتم كذا وعملتم كذا، حَتَّى يقرروا بِذَلِك، ثم بعد هَذَا الإقرار يترتب الجزاء فضلًا أو عدلًا؛ لأَن الجزاء إما فضل وإما عدل وإما جور؛ فالثَّالث الأَخِير منتفٍ عن الله، والأولان ثابتان؛ فإن جزاءه سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بين العَدْل والفضل، فجزاء الحسنات من قبيل الفَضْل، وجزاء السيئات من قبيل العَدْل؛ إِذَا جازى كل سيئة بمثلها، وإن عفا سُبْحَانَهُ وَتَعَالى فهو من باب الفَضل.
وقَوْلهُ:{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}{بِكُلِّ شَيْءٍ} هَذَا عام في كل شَيْء من أعمال بني آدم؛ صغيرها وكبيرها ومن غيرها أيضًا؛ فإن الله تَعَالَى عليم بها، والعلم: إدراك الشَّيء على ما هو علَيْه إدراكًا جازمًا؛ فلَيْسَ في علمه شك ولا ظن، بل كل علمه علم يقيني.
لو قَالَ قَائِلٌ: هل يُمْكِن أن نجعل قَوْلهُ: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} متعَلِّق بقوله {فَيُنَبِّئُهُمْ}؟