الفَائِدةُ الأُولَى: بَيان فضل الله ورحمته علَى عِبَادِه بالشَّرع والقَدر؛ لقَوْلهُ:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} فإن هَذَا يَتعلَّق بالشَّرع وبالقَدر، أما بالشَّرع فلولا أن الله تفضل علَيْنا ورحمنا وشرع للأَزْواج ما شرع من اللِّعَان لكان الزَّوج يقع في حرج عَظِيم؛ لأنَّه إن تكلم يُقام علَيْه حَدُّ القَذْفِ، وإن سكَتَ سكَتَ عن أمر عَظِيم، لكن من رحمة الله وفضله أنَّه شرع اللِّعَان.
كَذلِكَ في القَدر في قَضيَّة المُتَلَاعِنَيْنِ، أنَّه لَوْلا أن الله تَعَالَى يحب السَّتر لفضحَ المَرْأَة وأظهر آيةً تدُلّ على صدق الزَّوج، أو بالعَكْسِ إِذَا كَانَ الزَّوج كاذبًا، لكن من رحمة الله أنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يستر علَى عِبَادِه في الدُّنْيَا مثل هَذِهِ الْأُمُور ثم يجازيهم عَلَيْها في الْآخِرَة.
في مَسْأَلة اللِّعان لو عَيَّنَ الزوجُ مَنْ زنى بامرأته، فهل يحدّ الأجنبيُّ للزنا؟ وهل يُحَدُّ الزَّوجُ لقذفِ الرَّجل؟
الجواب: إِذَا لاعن الزَّوج زَوْجَته لم نَحُدَّ الأجنبيَّ للزنا، ولا يُحَدُّ الزَّوج لقذف الرّجل، والدَّليل ما جاء في الحَديث، أن هِلال بن أُمية قذف امرأته بشَرِيك بن سَحْمَاء، فعين الرَّجل الَّذِي زنا بها ولم يَحُدَّه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ القَذْفِ.
لكن لا يَنْبَغِي في مثل هَذَا أن يقذفها بشخصٍ معين كي لا يدنسَ عرضه؛ لأَن المَسْأَلة لَيْسَت ثابتة بشهود، فالأولى أنْ يقولَ: إنها زنت ولا يعين، لكن لو عين فإن السّنَّة تدُلّ على أنَّه لا يحد الرَّجل الأَجْنَبِيّ، والسَّبب في ذَلِك هو أن الأَصْل هُنا والمَقْصُود بِقَذْف الزَّوج الزَّوْجَة، لا الرَّجل الأجنبيُّ، وهو لم يعين الرَّجل إلا لزيادة إِثْبات قذف الزَّوْجَة.