للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا في القدر، كُلُّ ما خلقه الله فهو مطابق الحكْمَةِ، أما الحكْمَةُ نفسها فتكون في ثلاثة أشْيَاء: في الإِيجَاد والصُّورَة والغَايَة، فإيجاد الشَّيء حِكْمَة لَوْلا أن الحِكْمة في وجوده ما وُجد، وكونه على هَذَا الشَّكل المعين أو بهَذ الصُّورة المعينة هو أيضًا حِكْمَة، والغَايَة منه أيضًا حِكْمَة قَالَ تَعَالَى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} [المؤمنون: ١١٥].

إذا ضربنا اثنين: (الشَّرع والقدر) في ثلاثة: (في الإِيجَاد أو في الصُّورَة أو في الغَايَة) يَكُون الجميع ستة.

أما الحُكْم فإنَّه ينقسم أيضًا إلى قِسْمَيْن: كوني وشرعي، مثال الشَّرعي قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: ١٠]، هَذَا حكم شرعي ولَيْسَ كونيًّا لأنَّه ذكره بعد أَنْ قَالَ اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)} [الممتحنة: ١٠] هَذَا شرعي لأَنَّ هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي سبقت كلها تَشْريعات.

ومثال الكَوْنِيّ قَوْل أخي يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف: ٨٠].

إذا كَانَ الحُكْم كونيًّا أو شرعيًّا مطابقًا للحكمة فهل يَلْزَم أن نعرف هَذِهِ الحِكْمة أو لا يَلْزَم؟

الجواب: لا يلْزَم، لكن يَجب علَيْنا أن نُؤْمِن بأنه ما من شَيْء أوجده الله أو شرعه إلا وله حِكْمَة، لكنَّنا لقُصورنا يخفى علَيْنا كثير من هَذِه الحِكَم.

<<  <   >  >>