للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن كسر أحد الجناحين نهضت الرّجلَانِ بالجناح وَالرَّأْس وانكسر الْجنَاح الآخر نهضت الرّجلَانِ وَالرَّأْس وَإِن شرح الرَّأْس ذهبت الجناحان وَالرجلَانِ. وَالرَّأْس كسْرَى والجناح قَيْصر والجناح الآخر فَارس فَمر الْمُسلمين فلينفروا إِلَى كسْرَى.

قَالَ جُبَير: فندبنا عمر. وَاسْتعْمل علينا النُّعْمَان بن مقرن حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض العدّو وَخرج علينا عَامل كسْرَى فِي أَرْبَعِينَ ألفا فَقَالَ ترجمان لَهُ: ليكلمني رجل مُسلم فَقَالَ الْمُغيرَة: سل عَمَّا شِئْت. قَالَ: مَا أَنْتُم؟ قَالُوا: نَحن أنَاس من الْعَرَب كُنَّا فِي شقاء شَدِيد وبلاء شَدِيد نمصّ الْجلد والنوى من الْجُوع ونلبس الْوَبر وَالشعر، ونعبد الْحجر وَالشَّجر. فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ بعث إِلَيْنَا رب السَّمَوَات وربّ الأَرْض نبيّاً من أَنْفُسنَا نَعْرِف أَبَاهُ وأمّه فَأمرنَا نبيّنا أَن نقاتلكم حَتَّى تعبدوا الله وَحده، أَو تؤدّوا الْجِزْيَة. وَأخْبرنَا نبينّا عَن رِسَالَة ربّنا أَنه من قتل منّا صَار إِلَى الْجنَّة فِي نعيم لم ير مثله قطّ. وَمن بقى منّا ملك رِقَابكُمْ فَقَالَ النُّعْمَان: رُبمَا أشهدك الله مثلهَا مَعَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَلم يندّمك وَلم يخزك. وَلَكِن شهِدت الْقِتَال مَعَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كثيرا، كَانَ إِذا لم يُقَاتل فِي أول النَّهَار انْتظر حَتَّى تهب الأوراح وتحضر الصَّلَوَات.

قلت: رَضِي الله عَنْك! إِن أَرَادَ البُخَارِيّ بالموادعة عقد الذِّمَّة لَهُم بِأخذ الْجِزْيَة وإعفائهم بعد ذَلِك من الْقَتْل، فَهَذَا حكم الْجِزْيَة. وَالْمُوَادَعَة غير ذَلِك. وَإِن أَرَادَ مُشَاركَة قِتَالهمْ مَعَ إِمْكَانه قبل الظفر بهم، وَهُوَ معنى الْمُوَادَعَة فَمَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث مَا يطابقها إِلَّا تَأَخّر النُّعْمَان عَن مُقَابلَة الْعَدو وانتظاره زَوَال الشَّمْس فَهُوَ موادعة فِي هَذَا الزَّمَان مَعَ الْإِمْكَان لمصْلحَة. وَالله أعلم.

<<  <   >  >>