(١٨٤ - (٥) بَاب الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين)
فِيهِ أَبُو مُوسَى: أتيت النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي نفر من الْأَشْعَرِيين أستحمله. فَقَالَ: وَالله لَا أحملكم. فلبثنا مَا شَاءَ الله. ثمَّ أَتَى بِإِبِل فَأمر لنا بِثَلَاث ذود فَقُلْنَا: لَا يُبَارك لنا فأتينا النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَأَخْبَرنَاهُ. فَقَالَ: مَا أَنا حملتكم بل الله حملكم. وَأَنا إِن شَاءَ الله لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا، إِلَّا كفرت عَن يَمِيني. وأتيت الَّذِي هُوَ خير، أَو أتيت الَّذِي هُوَ خير وكفرت عَن يَمِيني.
وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ سُلَيْمَان: لأطوفن اللَّيْلَة على تسعين امْرَأَة، كُلهنَّ تَلد غُلَاما يُقَاتل فِي سَبِيل الله. فَقَالَ لَهُ صَاحبه - يعْنى الْملك -: قل: إِن شَاءَ الله. فنسى فَلم يَأْتِ مِنْهُنَّ، إِلَّا وَاحِدَة جَاءَت بشق غُلَام. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة يرويهِ: لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله لم يَحْنَث، وَكَانَ دركاً لَهُ فِي حَاجته وَقَالَ مرّة: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَو اسْتثْنى.
قلت: رَضِي الله عَنْك! ترْجم على الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمين وَلَيْسَ فِي حَدِيث أبي مُوسَى إِلَّا قَوْله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-: " وَإِنِّي إِ، شَاءَ الله "، وَهَذِه لَيست بِيَمِين. وَأما حَدِيث سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَفِيهِ: " لأطوفنّ. وَهَذَا وَإِن لم يكن فِيهِ يَمِين وَلَكِن فِيهِ مَا يتَعَيَّن أَن يكون جَوَاب قسم. وَكَانَ البُخَارِيّ يَقُول: إِذا اسْتثْنى من الْأَخْبَار فَكيف لَا يسْتَثْنى من الْأَخْبَار الْمُؤَكّدَة بالقسم وَهُوَ أحْوج للتفويض إِلَى الْمَشِيئَة، لِأَنَّهُ أَدخل فِي التألى على الله تَعَالَى بِالْغَيْبِ الْمُسْتَقْبل؟ وَالله أعلم.
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان لَطِيفَة تدل على أَن الْفَصْل الْيَسِير بَين الْيَمين وَالِاسْتِثْنَاء لَا يضر، لِأَنَّهُ قَالَ: " فَقَالَ لَهُ الْملك، قل: إِن شَاءَ الله فنسى ". فَمُقْتَضى هَذَا أَنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute