فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : صَلَاة الْجَمِيع تزيد على صلَاته فِي بَيته، وَصلَاته فِي سوقه خمْسا وَعشْرين دَرَجَة. الحَدِيث.
قلت: رَضِي الله عَنْك! إِن قلت: مَا وَجه مُطَابقَة التَّرْجَمَة لحَدِيث ابْن عمر - وَلم يصل فِي سوق -، وَلِلْحَدِيثِ الآخر، وَلَيْسَ فِيهِ لِلْمَسْجِدِ فِي السُّوق ذكر.
قلت: أَرَادَ البُخَارِيّ إِثْبَات جَوَاز بِنَاء الْمَسْجِد دَاخل السُّوق، لِئَلَّا يتخيل أَن الْمَسْجِد فِي الْمَكَان الْمَحْجُور لَا يسوغ، كَمَا أَن مَسْجِد الْجُمُعَة لَا يجوز أَن يكون مَحْجُورا. فنبّه بِصَلَاة ابْن عمر، على أَن الْمَسْجِد الَّذِي صلى فِيهِ كَانَ مَحْجُورا، وَمَعَ ذَلِك فَلهُ حكم الْمَسَاجِد.
ثمَّ خص السُّوق فِي التَّرْجَمَة لِئَلَّا يتخيل أَنَّهَا لما كَانَت شَرّ الْبِقَاع، وَبهَا يركز الشَّيْطَان، رَأَيْته كَمَا ورد فِي الحَدِيث، يمْنَع ذَلِك من اتِّخَاذ الْمَسَاجِد فِيهَا، وينافي الْعِبَادَة كمنافاتها الطرقات، ومواضع الْعَذَاب وَالْحمام، وَشبهه. فبيّن بِهَذَا الحَدِيث أَنه مَحل للصَّلَاة، كالبيوت. فَإِذا كَانَت محلا للصَّلَاة، جَازَ أَن يَبْنِي فِيهَا الْمَسْجِد. وَالله أعلم.
(٣٨ - (٦) بَاب تشبيك الْأَصَابِع فِي الْمَسْجِد وَغَيره)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute