فَمَاتَ السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ بهَا مُسلم. فلمّا قدما بِتركَتِهِ، فقدوا جَاما من فضّة مخوّصاً من ذهب. فَأَحْلفهُمَا النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- ثمَّ وجد الْجَام بِمَكَّة. فَقَالُوا: ابتعناه من تَمِيم وعدي. فَقَامَ رجلَانِ من أوليائه، فَحَلفا: لَشَهَادَتنَا أَحَق بِشَهَادَتِهِمَا. وَإِن الْجَام لصَاحِبِهِمْ.
قَالَ: وَفِيهِمْ نزلت هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} الْآيَات.
قلت: رَضِي الله عَنْك! ذكر شَارِح البُخَارِيّ أَن مَذْهَب ابْن عَبَّاس قبُول شَهَادَة الكفّار على الْمُسلمين فِي الْوَصِيَّة فِي السّفر. وَظن أَن ابْن عَبَّاس احتجّ بحَديثه هَذَا على مذْهبه. وَهُوَ وهم من الشَّارِح. وَالله أعلم.
فَإِن شَهَادَة الْكَافِر فِي الْوَاقِعَة عبارَة عَن يَمِينه وَلَا خلاف أَن يَمِينه مَقْبُولَة، وَإِذا ادّعى عَلَيْهِ فأنكروا وَلَا بينّة.
وَلَعَلَّ تميماً اعْترف أَن الْجَام كَانَ ملكا، وَادّعى أَنه ملكه مِنْهُ بشرَاء أَو غَيره. وَفِي بعض الحَدِيث التَّصْرِيح بِهَذَا. وَلَو لم يصحّ لَكَانَ الِاحْتِمَال كَافِيا فِي إِسْقَاط الِاسْتِدْلَال لِأَنَّهَا وَاقعَة عين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute