للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: توحيد الربوبية]

المراد بالتوحيد عند الماتريدية هو اعتقاد الوحدانية، التي هي عندهم صفة سلبية تقال على ثلاثة أنواع:

الأول: الوحدة في الذات، ويقصدون بها انتفاء الكثرة عن ذاته تعالى بمعنى عدم قبولها الانقسام، فيقولون هو واحد في ذاته لا قسيم له، وفسروا لفظ الأحد الوارد في النصوص في حق الله تعالى بهذا المعنى، فقالوا في تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: (١)] هو الله أحد، أي الواحد الموجود الذي لا بعض له ولا انقسام لذاته (١).

الثاني: الوحدة في الصفات: والمراد بها كما يقولون: انتفاء النظير له تعالى في كل صفة من صفاته، فيمتنع أن يكون له تعالى علوم وقدرات متكثرة بحسب المعلومات والمقدورات، بل علمه تعالى واحد، ومعلوماته كثيرة، وقدرته واحدة، ومقدوراته كثيرة، وهذا على جميع صفاته.

وقصدوا بهما - أي النوعين السابقين- نفي التجسيم ونفي التشبيه، وأدرجوا في مسمى هذا التوحيد الذي اصطلحوا عليه نفي ما ينفونه من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة، لذا جعلوا من أصول عقيدتهم نفي الجسم والجوهر والعرض ونحوها من الألفاظ والمعاني المبتدعة (٢).

الثالث: الوحدة في الأفعال، ويسمى بتوحيد الأفعال، والمراد به انفراده تعالى باختراع جميع الكائنات عموما وامتناع إسناد التأثير لغيره تعالى في شيء من الممكنات أصلا.

وجماع قولهم في توحيده تعالى: أنه واحد في ذاته لا قسيم له أو لا جزء له، واحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له (٣).


(١) تأويلات أهل السنة: ل ٦٥٦، ٦٥٧.
(٢) انظر: التوحيد ٣٨، ٣٩، التمهيد: ٦ - ١٢، المسايرة: ٢٤ - ٣٠، إشارات المرام: ١٠٧.
(٣) انظر: التوحيد: ٢٣، ١١٩، ١٢١، بحر الكلام: ٤، ١٩، المسامرة: ٤٣.

<<  <   >  >>