للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: العلاقة بين الإيمان والإسلام]

ذهبت الماتريدية في هذه المسألة إلى أن الإسلام والإيمان شيء واحد وأنه لا تغاير بينهما ولا ينفك أحدهما عن الآخر وإذا زال أحدهما زال الآخر، وأن الاختلاف بينهما في المعنى باللسان.

قال أبو منصور الماتريدي: "وأما القول عندنا في الإيمان والإسلام أنه واحد في أمر الدين في التحقيق بالمراد وإن كانا قد يختلفان في المعنى باللسان، ثم من جهة التحقيق بالمراد في الدين، إن الإيمان هو اسم لشهادة العقول والآثار بالتصديق على وحدانية الله تعالى، وأن له الخلق والأمر في الخلق لا شريك له في ذلك، والإسلام هو إسلام المرء نفسه بكليتها وكذا كل شيء لله تعالى بالعبودية لله لا شريك فيه فحصلا من المراد فيهما على واحد.

ثم الأصل أنه من البعيد عن العقول أن يأتي المرء بجميع شرائط الإيمان ثم لا يكون مسلما أو يأتي بجميع شرائط الإسلام ثم لا يكون مؤمنا، ثبت أنهما في الحقيقة واحد ومعلوم أن الذي يسع له التسمي بأحدهما يسع بالآخر" (١).

والناس في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

الأول: أن الإسلام والإيمان اسمان لمسمى واحد.

الثاني: أن الإسلام الكلمة والإيمان العمل.

الثالث: التفصيل، وهو الحق؛ وذلك بأن حالة اقترانهما غير حالة إفرادهما، فإذا اقترنا كان المقصود بالإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة، وإذا أفردا كان معناهما واحدا ودخل أحدهما في الآخر، ويكون المقصود جميع أمور الدين الظاهرة والباطنة.

ومعناه: أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا في نص واحد من كتاب أو سنة فإن لكل واحد منهما معنى يختص به. فالإسلام: الأعمال الظاهرة ومنها الشهادتان والصلاة .. والإيمان: الأعمال الباطنة من الاعتقادات كالتوكل والخوف والمحبة والرغبة والرهبة ... وغيرها.


(١) التوحيد: ٣٩٤ - ٣٩٧، وانظر: أصول الدين للبزدوي: ١٥٤، ٢٢١.

<<  <   >  >>