للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أولاً: توحيد الأسماء]

قالت الماتريدية بوجوب إثبات أسماء الله تعالى، وأن إثباتها لا يستلزم التشبيه، بدليل أن الرسل والكتب السماوية قد جاءت بها، ولو كان في إثباتها تشبيه لكان ذلك طعن في الرسل.

قال أبو منصور الماتريدي: "الأصل عندنا أن لله أسماء ذاتية يسمى بها نحو قوله: {الرَّحْمَنُ} [الرحمن: ١]، ثم الدليل على ما قلنا مجيء الرسل والكتب السماوية بها، ولو كان في التسمية بما جاءت به الرسل تشبيه لكانوا سبب نقض التوحيد. ولكن لما احتملت تلك الأسماء خروج المسمى بها عن المعروفين من المسمين بما جاز مجيئهم بها مع قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: (١١)] لينفي به شيئية الأشياء" (١).

وذهب جمهورهم إلى القول بالتوقيف في أسماء الله تعالى، أي أن طريق إثبات الأسماء هو السمع، فلا يسمى الله إلا بما سمى به نفسه وجاء به الشرع.

قال الماتريدي - في نفيه لاسم الجسم عن الله-: "وحقه السمع عن الله، أن الجسم ليس من أسمائه، ولم يرد عنه ولا عن أحد ممن أذن لأحد تقليده. فالقول به لا يسع، ولو وسع بالنحت من غير دليل حسي أو سمعي أو عقلي لوسع القول بالجسد والشخص، وكل ذلك مستنكر بالسمع، وليس القول بكل ما يسمى به الخلق، وذلك فاسد" (٢).

والذي دفعهم للقول بأن أسماء الله توقيفية - مع أن مصدرهم في التلقي العقل - هو خشية إطلاق أسماء على الله تعالى توهم اتصافه سبحانه بما فيه نقص، فقالوا بالتوقيف من باب الاحتياط كما نص على هذا صاحب (بيان الاعتقاد) بقوله: "والحق أنه لابد من التوقيف وذلك للاحتياط عما يوهم باطلا لعظم الخطر في ذلك، فلا يجوز الاكتفاء في عدم إيهام الباطل بمبلغ إدراكنا بل لابد من الاستناد إلى إذن الشرع" (٣).

وقال أبو منصو الماتريدي: "لا يجوز أن يقال لله تعالى يا مبارك. لأنه لا يعرف في أسمائه هذا بالنقل، وعلينا أن نسكت عن تسميته بما لم يسم نفسه" (٤).


(١) التوحيد: ٩٣، ٩٤٧، وانظر: : ٢٤، ٤١، ٤٤، التمهيد: ١٣ - ١٦.
(٢) التوحيد: ٣٨، وانظر: التمهيد: ١٠.
(٣) بيان الاعتقاد: ل ١٣.
(٤) التأويلات: ل ٥٦٢.

<<  <   >  >>