للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: توحيد الأسماء والصفات]

المراد بتوحيد الأسماء والصفات: الإيمان الجازم بأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة، وإثباتها دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل (١).

و"الأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسله نفيًا وإثباتًا، فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه, وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها: إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل، وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته، فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته, كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٨٠]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)} [فصلت: ٤٠]، فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات: إثباتًا بلا تشبيه وتنزيهًا بلا تعطيل, كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، ففي قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد للتشبيه والتمثيل، وفي قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد للإلحاد والتعطيل" (٢).

"وإذا عرفت أنَّ توحيد الأسماء والصفات هو أن يدعى الله تعالى بما سمى به نفسه ويوصف بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وينفى عنه التشبيه والتمثيل، فضد ذلك أشياء (٣):

أحدها: أن ينكر شيئا من الأسماء أو مما دلت عليه من الصفات والأحكام، كما فعل أهل التعطيل.

الثاني: أن يُسمي اللهَ سبحانه وتعالى بما لم يسم به نفسه، وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية؛ فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها.

الثالث: أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين فيجعلها دالة على التمثيل.

الرابع: أن يشتق من أسماء الله تعالى أسماء الأصنام، كما فعل المشركون في اشتقاق العزى من العزيز، واشتقاق اللات من الإله.

الخامس: تعطيل الله عن صفات كماله ونعوت جلاله، أو تشبيه صفاته بصفات خلقه، وقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، وقال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: ١١٠] " (٤).


(١) انظر: عقيدة السلف وأصحاب الحديث: ١٦٠ - ١٦٤، والحجة في بيان المحجة: ١/ ٣٢١، والتدمرية: ١٢٤، والقول المفيد: ١/ ١٦، وعقيدة التوحيد: ٦٣.
(٢) الرسالة التدمرية: ٤.
(٣) انظر: المفردات في غريب القرآن: ٧٣٧، ومختصر الصواعق المرسلة: ٢/ ١١٠، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: ٣/ ١٧ - ١٩، ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: ١/ ١٥٧، ٣/ ٢٧٨، ومعتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى: ١٤ - ٢٤.
(٤) معارج القبول للشيخ حافظ حكمي: ٢/ ٤٥٩ بتصرف يسير.

<<  <   >  >>