للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: نشأة الماتريدية]

بدأت نشأة الماتريدية في نهاية القرن الثالث على يد أبي منصور الماتريدي، واتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وغيرهم، فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم، ولكن بمنهج غير منهج الأشعري، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما، أو إطلاع على كتب بعضهما.

ثم بعد ذلك أصبح لأبي منصور تلاميذ عملوا على نشر أفكار شيخهم وإمامهم، ودافعوا عنها، وصنفوا التصانيف متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، فكان ذلك سببا لرواج العقيدة الماتريدية في سمر قند.

ثم بعد انتشار الماتريدية نشط اتباعها بالتأليف، فصنفوا المؤلفات في بيان عقيدة الماتريدية والتأسيس لها.

وكان من أشهر من صنف أبو المعين النسفي (٤٣٨ - ٥٠٨ هـ): وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي، ويعد من أشهر علماء الماتريدية، ومن أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة، ومن أهم كتبه (تبصرة الأدلة)، ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب (التوحيد) للماتريدي، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق، وقد اختصره في كتابه (التمهيد)، وله أيضا كتاب (بحر الكلام)، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية.

ومنهم أيضا نجم الدين عمر النسفي (٤٦٢ - ٥٣٧ هـ)، كان من المكثرين من الشيوخ، وأخذ عنه خلق كثير، وله مؤلفات بلغت المائة، منها: (مجمع العلوم)، (التيسير في تفسير القرآن)، (النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري) وكتاب العقائد المشهورة بـ (العقائد النسفية)، والذي يعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر (لتبصرة الأدلة) لأبي المعين النسفي.

ثم لا يزال الأمر في الاتساع والانتشار وكثرة التأليف للكتب الماتريدية من: المتون، والشروح، والشروح على الشروح، والحواشي على الشروح.

المدارس التي تتبنى الدعوة للماتريدية، وخصوصا في شبه القارة الهندية كالمدرسة الديوبندية، والمدرسة البريلوية وغيرها (١).


(١) الموسوعة الميسرة: ١/ ٩٩.

<<  <   >  >>