المبحث الأول: المسائل الخلافية بينهما حقيقة (١)
أهم المسائل التي وقع فيها الخلاف بين الماتريدية والأشعرية وكان الخلاف فيها حقيقيًا وليس لفظيًا، وجوهريًا ليس فرعيًا:
المسألة الأولى: معرفة الله تعالى: قالت الماتريدية أن معرفة الله تعالى واجبة بالعقل، وأنه تعالى لو لم يبعث للناس رسولا لوجب عليهم بعقولهم معرفة وجوده تعالى ووحدته واتصافه بما يليق من الصفات، وأنه محدث العالم وصانعه، وأن من لم يبلغه الوحي لا يكون معذورا.
وأما الأشاعرة فقالوا: إن معرفة الله تعالى واجبة بالشرع، وأنه لا يجب إيمان ولا يحرم كفر قبل ورود الشرع، فلذلك قالوا: بأن الناشئ في الشاهق الذي لم تبلغه الدعوة يكون معذورا.
المسألة الثانية: صفة الإرادة: ذهبت الماتريدية إلى أن الإرادة لا تستلزم الرضى والمحبة، وذهب الأشاعرة إلى أن المحبة والرضى والإرادة بمعنى واحد.
المسألة الثالثة: صفة الكلام: ذهبت الماتريدية إلى أن كلام الله لا يسمع، إنما يسمع ما هو عبارة عنه، فموسى إنما سمع صوتا وحروفا خلقها الله دالة على كلامه.
وذهب الأشاعرة إلى جواز سماع كلام الله تعالى، وأن ما سمعه موسى عليه السلام هو كلام الله تعالى النفسي، وذلك يكون بخلق إدراك في المستمع.
المسألة الرابعة: صفة التكوين: قالت الماتريدية أن التكوين صفة أزلية لله تعالى، وأن التكوين غير المكون.
وذهب الأشاعرة إلى أن التكوين ليس صفة لله تعالى، بل هو أمر اعتباري يحصل في العقل من نسبة المؤثر إلى الأثر، فلذا قالوا بأن التكوين هو عين المكون وهو حادث.
المسألة الخامسة: التكليف بما لا يطاق: ذهبت الماتريدية إلى عدم جواز التكليف بما لا يطاق، وذهب جمهور الأشاعرة إلى أن التكليف بما لا يطاق جائز.
المسألة السادسة: الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى: ذهبت الماتريدية إلى القول بلزوم الحكمة في أفعال الله تعالى، وأنه لا يجوز أن تنفك عنها مطلقا.
وذهب الأشاعرة إلى نفي الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى، وقالوا: أن أفعاله ليست معللة بالأغراض، ولا يجوز تعليل أفعاله تعالى بشيء من الأغراض والعلل الغائية.
(١) انظر: الماتريدية للحربي: ٤٩٨ - ٥٠١. الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للأفغاني: ١/ ٤٥٢ وما بعدها.