للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة السابعة: التحسين والتقبيح: ذهبت الماتريدية إلى أن العقل يدرك حسن الأشياء وقبحها، أي أنهم قالوا بالتحسين والتقبيح العقليين.

وأما الأشاعرة فذهبوا إلى أنه لا يعرف بالعقل حسن الأشياء وقبحها، بل إنما يعرف بالشرع.

المسألة الثامنة: الاستطاعة: ذهب جمهور الماتريدية إلى أن الاستطاعة تقع على نوعين:

الأولى: سلامة الأسباب والآلات، وهي تتقدم الفعل.

الثانية: الاستطاعة التي يتهيأ بها الفعل، وتكون مع الفعل.

وأما الأشاعرة فقد ذهبوا إلى أن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل، ولا يجوز أن تتقدمه ولا أن تتأخر عنه.

المسألة التاسعة: الكسب: اتفقت الماتريدية والأشاعرة على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وهي كسب من العباد، ولكن اختلفوا في معنى الكسب.

فقالت الماتريدية: إن المؤثر في أصل الفعل قدرة الله تعالى، والمؤثر في صفة الفعل قدرة العبد، وتأثير العبد هذا هو الكسب. فقدرة العبد عند الماتريدية لها أثر في الفعل، لكن لا أثر لها في الإيجاد لأن الخلق ينفرد الله تعالى به، وإنما أثرها في القصد والاختيار للفعل.

وأما الكسب عند الأشاعرة فهو أن أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله تعالى وحدها، وليس لقدرتهم تأثير فيها، بل الله سبحانه أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما، فيكون الفعل مخلوقا لله إبداعا وإحداثا، ومكسوبا للعبد، والمراد بكسبه إياه: مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له.

المسألة العاشرة: إيمان المقلد: ذهبت الماتريدية إلى أن من اعتقد أركان الدين تقليدا يكون إيمانه صحيحا.

وأما الأشاعرة فذهبوا إلى عدم صحة إيمان المقلد، وقالوا: إن من شروط صحة الإيمان أن يعرف كل مسألة بدليل قطعي عقلي.

المسألة الحادية عشرة: الثواب والعقاب، فالماتريدية والأشاعرة يتفقان في القول بعدم جواز تعذيب المطيع وإثابة العاصي. أما محل الخلاف بينهما فهو في المدرك، حيث ذهبت الماتريدية إلى أن المدرك لذلك هو العقل والشرع.

أما الأشاعرة فذهبوا إلى أن المدرك لذلك هو الشرع. وقد ترتب على ذلك أن الماتريدية منعوا جواز تعذيب المطيع وإثابة العاصي، بينما أجاز ذلك الأشعرية (١).

المسألة الثانية عشرة: عصمة الأنبياء، حيث قالت الماتريدية بعصمة الأنبياء من الكبائر والقبائح وخصوصا فيما يتعلق بأمر الشرع وتبليغ الأحكام وإرشاد الأمة.

ويذهب الماتريدية أيضا إلى أن الأنبياء معصومون من الصغائر، وأوجبوا تأويل كل ما أوهم في حقهم عليهم السلام من الكتاب والسنة مما اغتر به بعض من أجاز عليهم الصغائر، فالأنبياء منزهون عن الصغائر والكبائر ومن جميع المعاصي.

بينما يذهب الأشاعرة إلى أن الأنبياء تصدر عنهم الصغائر قبل النبوة إذا لم تكن خسيسة وليس هناك دليل على منع ذلك، سواء أكان ذلك عمدا أم سهوا، أما بعد النبوة فإن الأنبياء معصومون عن تعمد كل ما يخل بصدقهم حتى إذا كان من الصغائر (٢).


(١) تأويلات أهل السنة: ١/ ١٦٩ - ١٧٨.
(٢) المرجع السابق: ١/ ١٦٩ - ١٧٨.

<<  <   >  >>