للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الخامسة: إيمان المقلد: فالماتريدية يذهبون إلى القول بصحة إيمان المقلد، لأن مع هذا الإيمان تصديق، والتصديق هو أصل الإيمان، وعندهم أيضا يصح الاكتفاء بالتقليد في العقائد الدينية؛ إلا أن المقلد يعد عاصيا بتركه للنظر إذا كان قادرا على ذلك.

أما الأشاعرة فإنهم يقولون بأنه لا يُكتفى بالتقليد في العقائد الدينية، ولكن لابد من الاعتقاد الجازم الناشئ عن دليل؛ لأن الإيمان من المسائل الأصولية، وهذه قليلة يمكن الإحاطة بها، وتكفي فيها المعرفة على الإجمال، ولا يشترط عندهم القدرة على التعبير عن ذلك. ويذهبون إلى أن المقلد عاص بتركه النظر والاستدلال، ولكنه ليس مشركا أو كافرا.

المسألة السادسة: الكسب: فالماتريدية يثبتون للعبد قدرة وإرادة لها أثر في الفعل، ولا أثر لها في الإيجاب والإحداث، وإنما أثرها ينصب على وصف الفعل بكونه طاعة أو معصية، وتتمثل هذه القدرة في القصد والاختيار للفعل، والله سبحانه وتعالى يخلق للعبد القدرة على الفعل، وتكون نتيجة الفعل عليه. وبذلك يثبت الماتريدية أن للعبد اختيارا في أفعاله، وهذه الأفعال هي التي يترتب عليها المدح والذم في الدنيا، كما يترتب عليها الثواب والعقاب في الآخرة.

أما الأشاعرة فيذهبون إلى أن قدرة العباد التي وقع بها الفعل غير مخلوقة، وأن أمرها بأيديهم، وعليها مدار تكليفهم، والإرادة عند الأشاعرة هي الإرادة الجزئية، أما الإرادة الكلية عندهم فهي مخلوقة لله تعالى.

المسألة السابعة: الكافر منعَمٌ عليه أم لا؟ يرى الماتريدية أن الكافر منعم عليه، لكن هذا الإنعام إنما وقع في الدنيا فقط.

ويرى الأشاعرة أن الكافر لم ينعم عليه لا في الدين ولا في الدنيا ولا في الآخرة (١).


(١) تأويلات أهل السنة: ١/ ١٦٠ - ١٦٩، وانظر المنهل السيال الدافع لما نشأ من خلاف بين الأشعري والماتريدية من الإشكال لعبد الحافظ بن علي المالكي الصعيدي الأزهري.

<<  <   >  >>