للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِصَّةِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} [الأنعام: ٨٣] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] فَعَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ كَانَ الْمَقَايِيسَ الَّتِي (لَا) يَقَعُ بِنَاؤُهَا عَلَى أُصُولٍ صَحِيحَةٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ: إنْ أَخَذْتُمْ بِالْمَقَايِيسِ، أَحْلَلْتُمْ الْحَرَامَ، وَحَرَّمْتُمْ الْحَلَالَ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَقِيسُ، فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِ، عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقِيَاسَ جَائِزًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَسْنَا نُجِيزُ الْقِيَاسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا نُجِيزُهُ، فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ قِيَاسًا يُحَرِّمُ مَا أَبَاحَهُ النَّصُّ، أَوْ يُبِيحُ مَا حَرَّمَهُ النَّصُّ، (وَذَلِكَ) لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّعْبِيِّ فِي الِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى، وَجُلُّ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ إنَّمَا أَخَذُوا طَرِيقَةَ الْقِيَاسِ عَنْهُ، وَعَنْ أَمْثَالِهِ، وَمَا عَلِمْنَا أَنَّ الشَّعْبِيَّ كَانَ يَرَى الْقِيَاسَ إلَّا كَعِلْمِنَا بِأَنَّ حَمَّادًا، وَالْحَكَمَ، وَبَعْدَهُمَا ابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى كَانُوا يَرَوْنَ الْقِيَاسَ جَائِزًا فِي الْحَوَادِثِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: (الْقَضَاءُ عَلَى ثَلَاثَةٍ: آيَةٍ مُحْكَمَةٍ، أَوْ سُنَّةٍ مُتَّبَعَةٍ أَوْ رَأْيِ مُجْتَهِدٍ.) وَقَالَ الْفُرَاتُ بْنُ أَحْنَفَ: (قَضَى الشَّعْبِيُّ عَلَى رَجُلٍ، فَقِيلَ لَهُ: اقْضِ بِمَا أَرَاك اللَّهُ، فَقَالَ إنَّمَا أَقْضِي بِرَأْيِي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>