فمن كان من أهل العلم هكذا فهو لم ينتفع بعلمه فضلا عن أن ينتفع به غيره فعلمه محنة له وبلاء عليه والجاهل خير منه بكثير فإنه فعل البدعة ووقع في غير الحق معتقدا أن ما فعله هو الذي تعبده الله به وأراده منه
فيا من أخذ الله عليه البيان وعلمه السنة والقرآن إذا تجزئت على ربك بترك طاعاته وطرح ما أمرك به فقف عند هذه المعصية وكفى بها وقس ما علمته كالعدم لا عليك ولا لك ودع المجاورة لهذه المعصية إلى ما هو أشد منها وأقبح من ترويج بدع المبتدعين والتحسين لها وإيهامهم أنهم على الحق
فإنك إذا فعلت ذلك كان علمك لا علمت بلاء على أهل تلك البدع بعد كونه بلاء عليك لأنهم يفعلون تلك البدع على بصيرة ويتشددون فيها ولا تنجع فيهم بعد ذلك من موعظة واعظ ولا نصيحة ناصح ولا إرشاد مرشد لاعتقادهم فيك لا كثر الله في أهل العلم من أمثالك فإنك عالم محقق متقن قد عرفت علوم الكتاب والسنة فلم يكن في علماء السوء شر منك ولا أشد ضررا على عباد الله
وقد جرت قاعدة أهل البدع في سابق الدهر ولاحقه بأنهم يفرحون بصدور الكلمة الواحدة عن عالم من العلماء ويبالغون في إشهارها وإذاعتها فيما بينهم ويجعلونها حجة لبدعتهم ويضربون بها وجه من أنكر عليهم كما تجده في كتب الروافض من الروايات لكلمات وقعت من علماء الإسلام فيما يتعلق بما شجر بين الصحابة وفي المناقب والمثالب فإنهم يطيرون عند ذلك فرحا ويجعلونه من أعظم الذخائر والغنائم
فإن قلت لا شك فيما أرشدت إليه من وجوب الصدع بالحق والهداية إلى الإنصاف وتأثير ما قام عليه الدليل الصحيح على محض الرأي وبيان