ما أنزله الله للناس وعدم كتمه لكن إذا فعل العالم ذلك وصرح بالحق في بلاد البدع وأرشد إلى العمل بالدليل في مدائن التقليد قد لا يتأثر عن ذلك إلا مجرد التنكيل به والهتك لحرمته وإنزال الضرر به
قلت إنما سألت هذا السؤال وجئت بهذا المقال ذهولا عما قدمته لك وأوضحته وكررت من حفظ الله للمتكلمين بالحق ولطفه بالمرشدين لعباده إلى الإنصاف وحمايته لهم عن ما يظنه من ضعف إيمانه وخارت قوته ووهت عزيمته فارجع النظر فيما أسلفته وتدبر ما قدمته تعلم به صدق ما وعد الله به عباده المؤمنين من أن العاقبة للمتقين
ثم هب صدق ما حدسته ووقوع ما قدرته وحصول المحنة عليك ونزول الضرر بك فهل أنت كل العالم وجميع الناس أم تظن أنك مخلد في هذه الدار أم ماذا عسى يكون إذا عملت بالعلم ومشيت على الطريقة التي أمرك الله بها فنهاية ما ينزل عليك ويحل بك أن تكون قتيلا للحق وشهيدا للعلم فتظفر بالسعادة الأبدية وتكون قدوة لأهل العلم إلى آخر الدهر وخزيا لأهل البدع وقاصمة لظهورهم وبلاء مصوبا عليهم وعارا لهم ما داموا متمسكين بضلالهم سادرين في عمايتهم واقعين في مزالقهم وكم قد سبقك من عباد الله إلى هذه الطريقة وظفر بهذه المنزلة العلية وفيهم لك القدوة وبهم الأسوة
فانظر يا مسكين من قطعته السيوف ومزقته الرماح من عباد الله في الجهاد فإنهم طلبوا الموت ورغبوا في الشهادة والبيض تغمد في الطلاء والرماح تغرز في الكلأ والموت بمرأى منهم ومسمع يأتيهم من أمامهم وخلفهم ومن عن يمينهم وشمالهم