فأين أنت من هؤلاء ولست إلا قائما بين ظهراني المسلمين تدعوهم إلى ما شرعه الله وترشدهم إلى تأثير كتاب الله وسنة رسوله على محض الرأي والبدع فإن الذي نظن بمثلك ممن يقوم بمقامك إن لم تنجذب له القلوب بادئ ذي بدء ويتبعه الناس بأول نداء أن يستنكر الناس ذلك عليه ويستعظموه منه وينالوه بألسنتهم ويسيئوا القالة فيه فيكثروا الغيبة له فضلا عن أن يبلغ ما يصدر منهم إلى الإضرار ببدنه أو ماله فضلا عن أن ينزل به منهم ما نزل بأولئك وهب أنه ناله أعظم ما جوزه وأقبح ما قدره فليس هو بأعظم مما أصيب به من قتل في سبيل الله
وها أنا أرشدك على ما تستعين به على القيام بحجة الله والبيان لما أنزله وإرشاد الناس إليه على وجه لا تتعاظمه وتقدر فيه ما كنت تقدره من تلك الأمور التي جبنت عند تصورها وفرقت بمجرد تخيلها وهو أنك لا تأتي الناس بغتة وتصك وجهوهم مفاجئة ومجاهرة وتنعى عليهم ما هم فيه نعيا صراحا وتطلب منهم مفارقة ما ألفوه طلبا مضيفا وتقتضيه اقتضاء حثيثا
بل أسلك معهم مسالك المتبصرين في جذب القلوب إلى ما يطلبه الله من عباده ورغبهم في ثواب المنقادين إلى الشرع المؤثرين للدليل على الرأي وللحق على الباطل
فإن كانوا عامة فهم أسرع الناس انقيادا لك وأقربهم امتثالا لما تطلبه منهم ولست تحتاج معهم إلى كثير مؤنة بل اكتف معهم بترغيبهم في التعلم لأحكام الله ثم علمهم ما علمك الله منها على الوجه الذي جاءت به الرواية