للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا الإسراء: ١١٠. مِنْ أَجْلِ أُولَئِكَ النّفَرِ. يَقُولُ: لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك فَيَتَفَرّقُوا عَنْك، وَلَا تُخَافِتْ بِهَا، فَلَا يَسْمَعْهَا مَنْ يُحِبّ أَنْ يَسْمَعَهَا مِمّنْ يَسْتَرِقُ ذَلِكَ دُونَهُمْ، لَعَلّهُ يَرْعَوِي إلَى بَعْضِ مَا يسمع، فينتفع به.

[أول صحابى جهر بِالْقُرْآنِ:]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

كَانَ أَوّلُ مَنْ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكّةَ عَبْدُ اللهِ ابن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: اجْتَمَعَ يَوْمًا أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: وَاَللهِ مَا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ هَذَا الْقُرْآنَ يُجْهَرُ لَهَا بِهِ قَطّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُمُوهُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا، قَالُوا: إنّا نَخْشَاهُمْ عَلَيْك، إنّمَا نُرِيدُ رَجُلًا لَهُ عَشِيرَةٌ يَمْنَعُونَهُ مِنْ الْقَوْمِ إنْ أَرَادُوهُ، قَالَ: دَعُونِي فَإِنّ اللهَ سَيَمْنَعُنِي. قَالَ: فَغَدَا ابْنُ مَسْعُودٍ حَتّى أَتَى الْمَقَامَ فِي الضّحَى، وَقُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا حَتّى قَامَ عِنْدَ الْمَقَامِ ثُمّ قَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ رَافِعًا بِهَا صَوْتَهُ الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ قَالَ: ثُمّ اسْتَقْبَلَهَا يَقْرَؤُهَا. قَالَ: فَتَأَمّلُوهُ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ.

مَاذَا قَالَ ابن أمّ عبد؟ قال: ثم قالوا: لَيَتْلُو بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمّدٌ، فَقَامُوا إلَيْهِ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ فِي وَجْهِهِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ حَتّى بَلَغَ مِنْهَا مَا شَاءَ اللهُ أَنّ يَبْلُغَ. ثُمّ انْصَرَفَ إلَى أَصْحَابِهِ، وَقَدْ أَثّرُوا فِي وَجْهِهِ، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا الّذِي خَشِينَا عَلَيْك فَقَالَ: مَا كَانَ أَعْدَاءُ اللهِ أَهْوَنَ عَلَيّ مِنْهُمْ الْآنَ، وَلَئِنْ شِئْتُمْ لَأُغَادِيَنّهُمْ بِمِثْلِهَا غَدًا، قَالُوا: لَا، حَسْبُك، قَدْ أَسْمَعْتَهُمْ مَا يكرهون.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>