الْحَيّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقَالُوا: صَدَقَ، رَجُلٌ بِرَجُلِ. فَلَهَوْا عَنْهُ، فَلَمْ يُطْلِبُوا بِهِ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا أَخُوهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الْأَخْيَف يَسِيرُ بِمَرّ الظّهْرَانِ، إذْ نَظَرَ إلَى عَامِرِ بْنِ يزيد بن عامر الْمُلَوّحِ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، فَلَمّا رَآهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ حَتّى أَنَاخَ بِهِ، وَعَامِرٌ مُتَوَشّحٌ سَيْفَهُ، فَعَلَاهُ مِكْرَزٌ بِسَيْفِهِ حَتّى قَتَلَهُ، ثُمّ خَاضَ بَطْنَهُ بِسَيْفِهِ، ثُمّ أَتَى بِهِ مَكّةَ، فَعَلّقَهُ مِنْ اللّيْلِ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَلَمّا أَصْبَحَتْ قُرَيْشٌ رَأَوْا سَيْفَ عَامِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ مُعَلّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَعَرَفُوهُ، فَقَالُوا:
إنّ هَذَا لَسَيْفُ عَامِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَدَا عَلَيْهِ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فَقَتَلَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ. فبينماهم فِي ذَلِكَ مِنْ حَرْبِهِمْ، حَجَزَ الْإِسْلَامُ بَيْنَ النّاسِ؛ فَتَشَاغَلُوا بِهِ، حَتّى أَجَمَعَتْ قُرَيْشٌ الْمَسِيرَ إلَى بَدْرٍ، فَذَكَرُوا الّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي بكر فخافوهم.
[وَقَالَ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فِي قَتْلِهِ عَامِرًا:]
لَمّا رَأَيْتُ أَنّهُ هُوَ عَامِرٌ ... تَذَكّرْتُ أَشْلَاءَ الْحَبِيبِ الْمُلَحّبِ
وَقُلْتُ لِنَفْسِي: إنّهُ هُوَ عَامِرٌ ... فَلَا تَرْهَبِيهِ، وَانْظُرِي أَيّ مَرْكَبِ
وَأَيْقَنْتُ أَنّي إنْ أُجَلّلَهُ ضَرْبَةً ... مَتَى مَا أُصِبْهُ بِالْفَرَافِرِ يَعْطَبْ
خَفَضْتُ لَهُ جَأْشِي وَأَلْقَيْتُ كَلْكَلِي ... عَلَى بَطَلٍ شَاكّي السّلَاحِ مُجَرّبِ
وَلَمْ أَكُ لَمّا الْتَفّ رُوعِي وَرُوعُهُ ... عُصَارَةَ هُجُنٍ مِنْ نِسَاءٍ وَلَا أَبِ
حَلَلْتُ بِهِ وِتْرِي وَلَمْ أَنْسَ ذَحْلَهُ ... إذَا مَا تَنَاسَى ذَحْلَهُ كُلّ عَيْهَبِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْفَرَافِرُ في غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: الرّجُلُ الْأَضْبَطُ، وَفِي هَذَا
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute