[ابْتِدَاءُ شَكْوَى رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ]
بدء الشكوى قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَبَيْنَا النّاسُ عَلَى ذَلِكَ اُبْتُدِئَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِشَكْوِهِ الّذِي قَبَضَهُ اللهُ فِيهِ، إلَى مَا أَرَادَ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، أَوْ فِي أَوّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ، فَكَانَ أَوّلُ مَا اُبْتُدِئَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، فِيمَا ذُكِرَ لِي، أَنّهُ خَرَجَ إلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، ثُمّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، فَلَمّا أَصْبَحَ اُبْتُدِئَ بِوَجَعِهِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إنّي قَدْ أُمِرْت أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي، فَانْطَلَقْت مَعَهُ، فَلَمّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، قال: السلام عليكم يا أهل الْمَقَابِرِ، لِيَهْنِئَ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمّا أَصْبَحَ النّاسُ فِيهِ، أَقْبَلَتْ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوّلَهَا، الْآخِرَةُ شَرّ مِنْ الْأُولَى؛ ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيّ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إنّي قَدْ أُوتِيت مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمّ الْجَنّةُ، فَخُيّرْت بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبّي وَالْجَنّةِ. قَالَ: فَقُلْت:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي، فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمّ الْجَنّةَ، قَالَ:
لَا وَاَللهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، لَقَدْ اخْتَرْت لِقَاءَ رَبّي وَالْجَنّةَ، ثُمّ أَسَتَغْفِرُ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute