وَالْمُنَافِقِينَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا مِنْكُمْ: أَيْ لِيُظْهِرَ مَا فِيهِمْ. وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا: يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيّ وَأَصْحَابَهُ الّذِينَ رَجَعُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سَارَ إلَى عَدُوّهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِأُحُدِ، وَقَوْلَهُمْ: لَوْ نَعْلَمُ أَنّكُمْ تُقَاتِلُونَ لَسِرْنَا مَعَكُمْ، وَلَدَفَعْنَا عَنْكُمْ، وَلَكِنّا لَا نَظُنّ أَنّهُ يَكُونُ قِتَالٌ. فَأَظْهَرَ مِنْهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ.
يَقُولُ اللهُ عَزّ وَجَلّ: هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ، يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ أَيْ يُظْهِرُونَ لَك الْإِيمَانَ وَلَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ أَيْ مَا يُخْفُونَ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ الّذِينَ أُصِيبُوا مَعَكُمْ مِنْ عَشَائِرِهِمْ وَقَوْمِهِمْ: لَوْ أَطاعُونا مَا قُتِلُوا، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: أَيْ أَنّهُ لَا بُدّ مِنْ الْمَوْتِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَدْفَعُوهُ عَنْ أَنْفُسِكُمْ فَافْعَلُوا، وَذَلِكَ أَنّهُمْ إنّمَا نَافَقُوا وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ، حِرْصًا عَلَى الْبَقَاءِ فِي الدّنْيَا، وَفِرَارًا مِنْ الموت.
[الترغيب فى الجهاد]
ثم قَالَ لِنَبِيّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، يُرَغّبُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجِهَادِ، وَيُهَوّنُ عَلَيْهِمْ الْقَتْلَ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ: أَيْ لَا تَظُنّن الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا: أَيْ قَدْ أَحْيَيْتهمْ، فَهُمْ عِنْدِي يُرْزَقُونَ فِي رَوْحِ الْجَنّةِ وَفَضْلِهَا، مَسْرُورِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى جِهَادِهِمْ عَنْهُ، وَيَسْتَبْشِرُونَ
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute