قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ، ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إلَى عُنُقِهِ أَنْ قُلْت مَا قُلْت.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي نُبِيّهُ بْنُ وَهْبٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الدّارِ. أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ أَقْبَلَ بِالْأُسَارَى فَرّقَهُمْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ:
اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا. قَالَ: وَكَانَ أَبُو عَزِيزٍ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمٍ، أَخُو مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لِأَبِيهِ وَأُمّهِ فِي الْأُسَارَى.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو عَزِيزٍ: مَرّ بِي أَخِي مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَرَجُلٌ من الأنصار يأسرنى، فقال: شدّيدك بِهِ، فَإِنّ أُمّهُ ذَاتُ مَتَاعٍ، لَعَلّهَا تَفْدِيهِ مِنْك، قَالَ: وَكُنْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حِينَ أَقْبَلُوا بِي مِنْ بَدْرٍ، فَكَانُوا إذَا قَدّمُوا غَدَاءَهُمْ وَعَشَاءَهُمْ خَصّونِي بِالْخُبْزِ، وَأَكَلُوا التّمْرَ، لِوَصِيّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيّاهُمْ بِنَا، مَا تَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةُ خُبْزٍ إلّا نَفَحَنِي بِهَا. قَالَ: فَأَسْتَحْيِيَ فَأَرُدّهَا عَلَى أَحَدِهِمْ، فَيَرُدّهَا عَلَيّ ما يمسها.
[بُلُوغُ مُصَابِ قُرَيْشٍ إلَى مَكّةَ]
قَالَ ابْنُ هشام: وَكَانَ أَبُو عَزِيزٍ صَاحِبَ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرِ بعد النّضر ابن الْحَارِثِ، فَلَمّا قَالَ أَخُوهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ لِأَبِي الْيَسَرِ، وَهُوَ الّذِي أَسَرَهُ، مَا قَالَ قَالَ لَهُ أَبُو عَزِيزٍ: يَا أَخِي، هَذِهِ وَصَاتُك بِي، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ:
إنّهُ أَخِي دُونَك. فَسَأَلَتْ أُمّهُ عَنْ أَغْلَى مَا فُدِيَ بِهِ قُرَشِيّ، فَقِيلَ لَهَا: أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فبعت بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَفَدَتْهُ بِهَا.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute