للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هِجْرَةُ عُمَرَ وَقِصّةُ عَيّاشٍ مَعَهُ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيّ حَتّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ. فَحَدّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عن عبد الله ابن عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، قَالَ: اتّعَدْتُ، لَمّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ، أَنَا وعيّاش بن أبى ربيعة [واسمه: عمرو ويلقب ذا الرمحين] ، وهشام ابن الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السّهْمِيّ التّناضِبَ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَوْقَ سَرِفٍ، وَقُلْنَا:

أَيّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ. قَالَ: فأصبحت أنا وعيّاش ابن أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التّنَاضُبِ، وَحُبِسَ عَنّا هِشَامٌ، وفتن فافتتن.

فَلَمّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَزَلْنَا فِي بَنِي عَمْرِو بن عوف بقباء، وخرج أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إلَى عَيّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ ابْنَ عَمّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمّهِمَا، حَتّى قَدِمَا عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَكّةَ، فَكَلّمَاهُ وَقَالَا: إنّ أُمّك قَدْ نَذَرَتْ أَنْ لَا يَمَسّ رَأْسَهَا مُشْطٌ حَتّى تَرَاك، وَلَا تَسْتَظِلّ مِنْ شَمْسٍ حَتّى تَرَاك، فَرَقّ لَهَا، فَقُلْت لَهُ: يَا عَيّاشُ، إنّهُ وَاَللهِ إنْ يُرِيدَك الْقَوْمُ إلّا لِيَفْتِنُوك عَنْ دِينِك فَاحْذَرْهُمْ، فوالله لو قد آذى أمّك القمل لا متشطت، وَلَوْ قَدْ اشْتَدّ عَلَيْهَا حَرّ مَكّةَ لَاسْتَظَلّتْ. قَالَ: فَقَالَ: أَبَرّ قَسَمَ أُمّي، وَلِي هُنَالِكَ مَالٌ فَآخُذُهُ. قَالَ: فَقُلْت: وَاَللهِ إنّك لَتَعْلَمُ أَنّي لَمِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، فَلَك نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا. قَالَ: فَأَبَى عَلَيّ إلّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا؛ فَلَمّا أَبَى إلّا ذَلِكَ؛ قَالَ: قُلْت لَهُ: أَمّا إذْ قَدْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْت، فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ، فَإِنّهَا نَاقَةٌ نَجِيبَةٌ ذَلُولٌ فَالْزَمْ ظَهْرَهَا، فَإِنْ رَابَك مِنْ الْقَوْمِ رَيْبٌ، فَانْجُ عَلَيْهَا:

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>