وَكَانَ مَوْقِعُ أَصْلِ ذَلِكَ الدّينِ بِنَجْرَانَ، وَهِيَ بِأَوْسَطِ أَرْضِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ الزّمَانِ، وَأَهْلُهَا وَسَائِرُ الْعَرَبِ كُلّهَا أَهْلُ أَوْثَانٍ يَعْبُدُونَهَا، وَذَلِكَ أَنّ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ ذَلِكَ الدّينِ يُقَالُ لَهُ: فَيْمِيُون، وَقَعَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَحَمَلَهُمْ عَلَيْهِ.
فَدَانُوا بِهِ.
[ابْتِدَاءُ وُقُوعِ النّصْرَانِيّةِ بِنَجْرَانَ]
[ «حديث فيميون» :]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي لبيد مولى الأخنس عن وهب ابن منبّه اليمانى أنه حدثهم أن موقع ذلك الدين بِنَجْرَانَ كَانَ أَنّ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ دين عيسى بن مَرْيَمَ يُقَالُ لَهُ فَيْمِيُون، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مُجْتَهِدًا زَاهِدًا فِي الدّنْيَا، مُجَابَ الدّعْوَةِ، وَكَانَ سَائِحًا يَنْزِلُ بَيْنَ الْقُرَى، لَا يُعْرَفُ بِقَرْيَةِ
ــ
عِنْدَ لخنيعة، وَقَدْ لَاطَ بِهِ قَطَعُوا مَشَافِرَ ناقته وذنبها: وصاحو بِهِ: أَرَطْبٌ أَمْ يَبَاسٌ، فَلَمّا خَرَجَ ذُو نُوَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَرَكِبَ نَاقَةً لَهُ يُقَالُ لها: السّراب؛ قالوا: ذانواس أَرَطْبٌ أَمْ يَبَاسٌ، فَقَالَ: «سَتَعْلَمُ الْأَحْرَاسُ اسْت ذِي نُوَاسٍ اسْتَ رَطْبَانِ أَمْ يَبَاسٍ» فَهَذَا اللّفْظُ مَفْهُومٌ. وَاَلّذِي وَقَعَ فِي الْأَصْلِ هَذَا مَعْنَاهُ، وَلَفْظُهُ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا، وَلَعَلّهُ تَغْيِيرٌ فِي اللّفْظِ- وَاَللهُ أَعْلَمُ- وَكَانَ مُلْك لخنيعة سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمُلْكُ ذُو نُوَاسٍ بَعْدَهُ ثمانيا وستين سنة. قاله ابن قتيبة «١» .
(١) حكم لخنيعة كما قدر المحققون قرابة عشرين أو خمس وعشرين سنة، وحكم ذو نواس عشر سنوات تقريبا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute