للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُفْلِهِ، وَكُنّا فَوْقَهُ فِي الْمَسْكَنِ، فلقد انكسر حبّ لنا فيه ماء فقمت أنا وأمّ أيوب بقطيفة لنا، مالنا لِحَافٌ غَيْرَهَا، نُنَشّفُ بِهَا الْمَاءَ، تَخَوّفًا أَنْ يَقْطُرَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُ شَيْءٌ فَيُؤْذِيَهُ.

قَالَ: وَكُنّا نَصْنَعُ لَهُ الْعَشَاءَ، ثُمّ نَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ، فَإِذَا رَدّ عَلَيْنَا فَضْلَهُ تَيَمّمْت أَنَا وَأُمّ أَيّوبَ مَوْضِعَ يَدِهِ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، حَتّى بَعَثْنَا إلَيْهِ لَيْلَةً بِعَشَائِهِ وَقَدْ جَعَلْنَا لَهُ بَصَلًا أَوْ ثُومًا، فَرَدّهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أرليده فِيهِ أَثَرًا قَالَ: فَجِئْتُهُ فَزِعًا، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي رَدَدْتَ عَشَاءَك، وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَوْضِعَ يَدِك، وَكُنْتَ إذَا رَدَدْته عَلَيْنَا، تَيَمّمْت أَنَا وَأُمّ أَيّوبَ مَوْضِعَ يَدِك، نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ؛ قَالَ: إنّي وَجَدْت فِيهِ رِيحَ هَذِهِ الشّجَرَةِ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجِي، فَأَمّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ. قَالَ: فَأَكَلْنَاهُ، وَلَمْ نَصْنَعْ له تلك الشجرة بعد.

[تلاحق المهاجرين]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَتَلَاحَقَ الْمُهَاجِرُونَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَبْقَ بِمَكّةَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، إلّا مَفْتُونٌ أَوْ مَحْبُوسٌ، وَلَمْ يُوعَبْ أَهْلُ هِجْرَةٍ مِنْ مَكّةَ بِأَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ إلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَإِلَى رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلّا أَهْلُ دور مسمّون: بنو مظعون من جُمَحٍ؛ وَبَنُو جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ، حُلَفَاءُ بَنِي أُمَيّةَ؛ وَبَنُو الْبُكَيْرِ، مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ، حُلَفَاءُ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنّ دُورَهُمْ غُلّقَتْ بِمَكّةَ هِجْرَةً، لَيْسَ فِيهَا سَاكِنٌ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>