يَأْجَجَ، ثُمّ دَخَلَا مَكّةَ لَيْلًا، فَقَالَ جَبّارٌ لِعَمْرِو: لَوْ أَنّا طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَصَلّيْنَا رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ عَمْرٌو: إنّ الْقَوْمَ إذَا تَعَشّوْا جَلَسُوا بِأَفْنِيَتِهِمْ، فَقَالَ: كَلّا، إنْ شَاءَ اللهُ، فَقَالَ عَمْرٌو: فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَصَلّيْنَا، ثُمّ خَرَجْنَا نُرِيدُ أبا سفيان، فو الله إنّا لَنَمْشِي بِمَكّةَ إذْ نَظَرَ إلَيّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكّةَ فَعَرَفَنِي، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ: وَاَللهِ إنْ قَدِمَهَا إلّا لِشَرّ، فَقُلْت لِصَاحِبِي: النّجَاءُ، فَخَرَجْنَا نَشْتَدّ، حَتّى أَصْعَدْنَا فِي جَبَلٍ، وَخَرَجُوا فِي طَلَبِنَا، حَتّى إذَا عَلَوْنَا الْجَبَلَ يَئِسُوا مِنّا، فَرَجَعْنَا، فَدَخَلْنَا كَهْفًا فِي الْجَبَلِ، فَبِتْنَا فِيهِ، وَقَدْ أَخَذْنَا حِجَارَةً فَرَضَمْنَاهَا دوننا، فلما أصبحنا غدا رجل من قُرَيْشٍ يَقُودُ فَرَسًا لَهُ، وَيَخْلِي عَلَيْهَا، فَغَشِيَنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْت: إنْ رَآنَا صَاحَ بنا، فأخذنا فقتلنا.
[قتله أبا سفيان وهربه]
قَالَ: وَمَعِي خِنْجَرٌ قَدْ أَعْدَدْته لِأَبِي سُفْيَانَ، فَأَخْرُجُ إلَيْهِ، فَأَضْرِبُهُ عَلَى ثَدْيِهِ ضَرْبَةً، وَصَاحَ صَيْحَةً أَسْمَعَ أَهْلَ مَكّةَ، وَأَرْجِعُ فَأَدْخُلُ مَكَانِي، وَجَاءَهُ النّاسُ يَشْتَدّونَ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَقَالُوا: مَنْ ضَرَبَك؟ فَقَالَ: عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ، وَغَلَبَهُ الْمَوْتُ، فَمَاتَ مَكَانَهُ، وَلَمْ يَدْلُلْ عَلَى مَكَانِنَا، فَاحْتَمَلُوهُ. فَقُلْت لِصَاحِبِي، لَمّا أَمْسَيْنَا: النّجَاءُ، فَخَرَجْنَا لَيْلًا مِنْ مَكّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَمَرَرْنَا بِالْحَرَسِ وَهُمْ يَحْرَسُونَ جِيفَةَ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيّ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: وَاَللهِ مَا رَأَيْت كَاللّيْلَةِ أَشَبَهَ بِمِشْيَةِ عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ، لَوْلَا أَنّهُ بِالْمَدِينَةِ لَقُلْت هُوَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ، قَالَ:
فَلَمّا حَاذَى الْخَشَبَةَ شَدّ عَلَيْهَا، فَأَخَذَهَا فَاحْتَمَلَهَا، وَخَرَجَا شَدّا، وَخَرَجُوا وَرَاءَهُ حَتّى أَتَى جُرْفًا بِمَهْبِطِ مَسِيلِ يَأْجَجَ، فَرَمَى بِالْخَشَبَةِ فِي الْجُرْفِ،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute