[شِعْرُ حَسّانَ فِيمَنْ أَلَقُوا فِي الْقَلِيبِ]
قَالَ ابن إسحاق: وقال حسّان بن ثابت:
عَرَفْتُ دِيَارَ زَيْنَبَ بِالْكَثِيبِ ... كَخَطّ الْوَحْيِ فِي الْوَرَقِ الْقَشِيبِ
تَدَاوَلُهَا الرّيَاحُ وَكُلّ جَوْنٍ ... مِنْ الْوَسْمِيّ مُنْهَمِرٍ سَكُوبِ
فَأَمْسَى رَسْمُهَا خَلَقًا وَأَمْسَتْ ... يَبَابًا بَعْدَ سَاكِنِهَا الْحَبِيبِ
فَدَعْ عَنْك التّذَكّرَ كُلّ يَوْمٍ ... وَرُدّ حَرَارَةَ الصّدْرِ الْكَئِيبِ
وَخَبّرَ بِاَلّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ ... بِصِدْقِ غَيْرِ إخْبَارِ الْكَذُوبِ
بِمَا صَنَعَ الْمَلِيكُ غَدَاةَ بَدْرٍ ... لَنَا فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ النّصِيبِ
غَدَاةَ كَأَنّ جَمْعَهُمْ حراء ... بدت أركانه جنح الغروب
فلا قيناهم مِنّا بِجَمْعٍ ... كَأُسْدِ الْغَابِ مُرْدَانٍ وَشِيبِ
أَمَامَ مُحَمّدٍ قَدْ وَازَرُوه ... عَلَى الْأَعْدَاءِ فِي لَفْحِ الحروب
بأيديهم صوارم مرهفات ... وكلّ مجرّب خاطى الْكُعُوبِ
بَنُو الْأَوْسِ الْغَطَارِفُ وَازَرَتْهَا ... بَنُو النّجّارِ فِي الدّينِ الصّلِيبِ
فَغَادَرْنَا أَبَا جَهْلٍ صَرِيعًا ... وَعُتْبَةَ قَدْ تَرَكْنَا بِالْجَبُوبِ
وَشَيْبَةَ قَدْ تَرَكْنَا فِي رِجَالٍ ... ذَوِي حَسَبٍ إذَا نُسِبُوا حَسِيبِ
يُنَادِيهِمْ رَسُولُ اللهِ لَمّا ... قَذَفْنَاهُمْ كَبَاكِبَ فِي الْقَلِيبِ
أَلَمْ تَجِدُوا كَلَامِي كَانَ حَقّا ... وَأَمْرُ اللهِ يَأْخُذُ بِالْقُلُوبِ؟
فَمَا نَطَقُوا، وَلَوْ نَطَقُوا لَقَالُوا: ... صَدَقْتَ وَكُنْتَ ذَا رَأْيٍ مُصِيبِ!
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .