للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الإسلام؛ فلما أمسى جاؤه بما جاؤه بِمَا كَانُوا يَأْتُونَهُ مِنْ الطّعَامِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُ إلّا قَلِيلًا، وَبِاللّقْحَةِ فَلَمْ يُصِبْ مِنْ حِلَابِهَا إلّا يَسِيرًا، فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ: مِمّ تَعْجَبُونَ؟ أَمِنْ رَجُلٍ أَكَلَ أَوّلَ النّهَارِ فِي مِعَى كَافِرٍ، وَأَكَلَ آخِرَ النّهَارِ فِي مِعَى مُسْلِمٍ! إنّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ، وَإِنّ الْمُسْلِمَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ.

[خُرُوجُهُ إلَى مَكّةَ وَقِصّتُهُ مَعَ قُرَيْشٍ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَبَلَغَنِي أَنّهُ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، حَتّى إذَا كَانَ بِبَطْنِ مَكّةَ لَبّى، فَكَانَ أَوّلَ مَنْ دَخَلَ مَكّةَ يُلَبّي، فَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: لَقَدْ اخْتَرْت عَلَيْنَا، فَلَمّا قَدّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ؛ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: دَعُوهُ فَإِنّكُمْ تَحْتَاجُونَ إلَى الْيَمَامَةِ لِطَعَامِكُمْ، فَخَلّوهُ، فَقَالَ الْحَنَفِيّ فِي ذَلِكَ:

وَمِنّا الّذِي لَبّى بِمَكّةَ مُعْلِنًا ... بِرَغْمِ أَبِي سفيان فى الأشهر الحرم

حدثت أَنّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، حِينَ أَسْلَمَ، لَقَدْ كَانَ وَجْهُك أَبْغَضَ الْوُجُوهِ إلَيّ، وَلَقَدْ أَصْبَحَ وَهُوَ أَحَبّ الْوُجُوهِ إلَيّ. وَقَالَ فِي الدّينِ وَالْبِلَادِ مِثْلَ ذَلِكَ.

ثُمّ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَلَمّا قَدِمَ مَكّةَ، قَالُوا: أَصَبَوْت يَا ثُمَامُ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنّي اتّبَعْت خَيْرَ الدّينِ، دِينَ مُحَمّدٍ، وَلَا وَاَللهِ لَا تَصِلُ إلَيْكُمْ حَبّةٌ مِنْ الْيَمَامَةِ حَتّى يَأْذَنَ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثُمّ خَرَجَ إلَى الْيَمَامَةِ، فَمَنَعَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا إلَى مَكّةَ شَيْئًا، فَكَتَبُوا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّك

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>