للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الهمّ بعقد الصلح مع غطفان]

فَلَمّا اشْتَدّ عَلَى النّاسِ الْبَلَاءُ، بَعَثَ رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- كَمَا حَدّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَمَنْ لَا أَتّهِمُ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ- إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَإِلَى الْحَارِثِ ابن عَوْفِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ الْمُرّيّ، وَهُمَا قَائِدَا غَطَفَانَ، فَأَعْطَاهُمَا ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا الصّلْحُ، حَتّى كَتَبُوا الْكِتَابَ، وَلَمْ تَقَعْ الشّهَادَةُ وَلَا عَزِيمَةُ الصّلْحِ، إلّا الْمُرَاوَضَةُ فِي ذَلِكَ.

فَلَمّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَفْعَلَ، بَعَثَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمَا، وَاسْتَشَارَهُمَا فِيهِ، فَقَالَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمْرًا نُحِبّهُ فَنَصْنَعُهُ، أَمْ شَيْئًا أَمَرَك اللهُ بِهِ، لَا بُدّ لَنَا مِنْ الْعَمَلِ بِهِ، أَمْ شَيْئًا تَصْنَعُهُ لَنَا؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَصْنَعُهُ لَكُمْ، وَاَللهِ مَا أَصْنَعُ ذَلِكَ إلّا لِأَنّنِي رَأَيْت الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَكَالَبُوكُمْ مِنْ كُلّ جَانِبٍ، فَأَرَدْت أَنْ أَكْسِرَ عَنْكُمْ مِنْ شَوْكَتِهِمْ إلَى أَمْرٍ مَا؛ فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ كُنّا نَحْنُ وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَى الشّرْكِ بِاَللهِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، لَا نَعْبُدُ اللهَ وَلَا نَعْرِفُهُ. وَهُمْ لَا يَطْمَعُونَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا تَمْرَةً إلّا قِرًى أَوْ بَيْعًا، أَفَحِينَ أَكْرَمْنَا اللهُ بِالْإِسْلَامِ وَهَدَانَا لَهُ وَأَعَزّنَا بِك وَبِهِ، نُعْطِيهِمْ أَمْوَالَنَا! (وَاَللهِ) مَا لَنَا بِهَذَا مِنْ حَاجَةٍ، وَاَللهِ لَا نُعْطِيهِمْ إلّا السّيْفَ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَنْتَ وَذَاكَ. فَتَنَاوَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الصّحِيفَةَ، فَمَحَا مَا فِيهَا مِنْ الْكِتَابِ، ثُمّ قَالَ: ليجهدوا علينا.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>