وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، أَيْ: لَا إلَهَ غَيْرُك إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَيْ: لَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا غَيْرُك بِسُلْطَانِك وَقُدْرَتِك. تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُك، وَلَا يَصْنَعُهُ إلّا أَنْتَ، أَيْ: فَإِنْ كُنْتُ سَلّطْت عِيسَى عَلَى الْأَشْيَاءِ الّتِي بِهَا يَزْعُمُونَ أَنّهُ إلَهٌ، مِنْ إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَسْقَامِ وَالْخَلْقِ لِلطّيْرِ مِنْ الطّينِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْغُيُوبِ، لِأَجْعَلَهُ بِهِ آيَةً لِلنّاسِ، وَتَصْدِيقًا لَهُ فِي نُبُوّتِهِ الّتِي بَعَثْته بِهَا إلَى قَوْمِهِ، فَإِنّ مِنْ سُلْطَانِي وَقُدْرَتِي مَا لَمْ أُعْطِهِ تمليك الملوك بأمن النّبُوّةِ، وَوَضْعَهَا حَيْثُ شِئْت، وَإِيلَاجَ اللّيْلِ فِي النّهَارِ، وَالنّهَارِ فِي اللّيْلِ، وَإِخْرَاجَ الْحَيّ مِنْ الْمَيّتِ، وَإِخْرَاجَ الْمَيّت مِنْ الْحَيّ، وَرِزْقَ مَنْ شِئْت مِنْ بَرّ أَوْ فَاجِرٍ بِغَيْرِ حِسَابٍ؛ فَكُلّ ذَلِكَ لَمْ أُسَلّطْ عِيسَى عَلَيْهِ، وَلَمْ أُمَلّكْهُ إيّاهُ، أَفَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ وَبَيّنَةٌ! أَنْ لَوْ كَانَ إلَهًا كَانَ ذَلِكَ كُلّهُ إلَيْهِ، وَهُوَ فِي عِلْمِهِمْ يَهْرَبُ مِنْ الْمُلُوكِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْهُمْ فِي الْبِلَادِ، مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ.
[مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ فى وعظ المؤمنين وتحذيرهم]
ثُمّ وَعَظَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَذّرَهُمْ، ثُمّ قَالَ: قُلْ: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ، أى: إن كَانَ هَذَا مِنْ قَوْلِكُمْ حَقّا، حُبّا لِلّهِ وَتَعْظِيمًا لَهُ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، أَيْ: مَا مَضَى مِنْ كُفْرِكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. قُلْ: أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَهُ وَتَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ فَإِنْ تَوَلَّوْا، أَيْ: عَلَى كُفْرِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكافِرِينَ.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute