للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَنّ الْوَحْيَ إنّمَا أَبْطَأَ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ، ثُمّ جَاءَ جِبْرِيلُ بِسُورَةِ الْكَهْفِ

لِمَ قَدّمَ الْحَمْدَ عَلَى الْكِتَابِ؟! وَذَكَرَ افْتِتَاحَ الرّبّ سُبْحَانَهُ بِحَمْدِ نَفْسِهِ، وَذَكَرَ نُبُوّةَ نَبِيّهِ حَمْدُهُ لِنَفْسِهِ تَعَالَى خَبَرٌ بَاطِنُهُ الْأَمْرُ وَالتّعْلِيمُ لِعَبْدِهِ كَيْفَ يَحْمَدُهُ، إذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَاقْتَضَتْ الْحَالُ الْوُقُوفَ عَنْ تَسْمِيَتِهِ، وَالْعِبَارَاتُ عَنْ جَلَالِهِ، لِقُصُورِ كُلّ عبارة عما هنا لك مِنْ الْجَلَالِ، وَأَوْصَافِ الْكَمَالِ، وَلَمَا كَانَ الْحَمْدُ وَاجِبًا عَلَى الْعَبْدِ قُدّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِيَقْتَرِنَ فِي اللّفْظِ بِالْحَمْدِ الّذِي هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلِيَسْتَشْعِرَ الْعَبْدُ وُجُوبَ الْحَمْدِ عَلَيْهِ، وَفِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ قَالَ: «تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ» وَبَدَأَ بِذِكْرِ الْفُرْقَانِ الّذِي هُوَ الْكِتَابُ الْمُبَارَكُ. قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ «١»


- يوحى إليه، فقال: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ، قُلِ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) قَالَ: فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم: لا تسألوه» وفى رواية البخارى: «فلم يرد عليهم شيئا، فعلت أنه يوحى إليه، فقمت مقامى فلما نزل الوحى، قال: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) والمشكل هنا أن سورة الإسراء: مكية وظاهر القصة يوحى بان الاية مدنية. ولو كان الأمر قاصرا على الرواية الأولى: «فظننت أنه يوحى إليه» لقلنا إن الرسول انما سكت ليتذكر الاية التى يرد بها عليهم، فظن ابن مسعود أنه يوحى إليه، إما ابن كثير فيقول: «وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحى بأنه يجيبهم عما سألوه بالاية المتقدم إنزالها عليه. والذى يدل على نزول هذه الاية بمكة ما رواه أحمد أن قريشا قالت ليهود: أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل. فقالوا: سلوه عن الروح، فنزلت الاية» وإجابة ابن كثير غير مقنعة والعسيب: عصن من جريد النخلة.
(١) هذا جزء من آية رقم ٩٢ و ١٥٥ من سورة الأنعام. والذى ذكره-

<<  <  ج: ص:  >  >>