للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَأَى نُورًا خَرَجَ مِنْ زَمْزَمَ أَضَاءَتْ لَهُ مِنْهُ نَخْلُ الْمَدِينَةِ، حَتّى رَأَوْا الْبُسْرَ فِيهَا، فَقَصّ رُؤْيَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ بِئْرُ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَهَذَا النّورُ فِيهِمْ يَكُونُ، فَكَانَ سَبَبًا لِبِدَارِهِ لِلْإِسْلَامِ.

رُؤْيَا سَعْدٍ وَخَالِدٍ وَلَدَيْ الْعَاصِ:

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدّمَ أَنّ هَذِهِ الرّؤْيَا إنّمَا كَانَتْ لِأَخِيهِ، وَأَنّ عَمْرًا هُوَ الّذِي عَبّرَهَا لَهُ، وَهَذَا هُوَ الصّحِيحُ فِيهَا، وَاَللهُ أَعْلَمُ، وَأَمّا أَخُوهُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، فَكَانَ يَرَى- قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ- نَفْسَهُ قَدْ أشفى على نار تأجّح، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَخَذَ بِحُجْزَتِهِ «١» ، يَصْرِفُهُ عَنْهَا، فَلَمّا اسْتَيْقَظَ عَلِمَ أَنّ نَجَاتَهُ مِنْ النّارِ عَلَى يَدَيْ رَسُولِ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فلما أَظْهَرَ إيمَانَهُ ضَرَبَهُ أَبُوهُ بِمَقْرَعَةِ، حَتّى كَسَرَهَا عَلَى رَأْسِهِ، وَحَلَفَ أَلّا يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَأَغْرَى بِهِ إخْوَتَهُ، فَطَرَدُوهُ وَآذَوْهُ، فَانْقَطَعَ إلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتّى هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ- كَمَا ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ- وأبوه سعيد بن العاصى أَبُو أُحَيْحَةَ الّذِي يَقُولُ فِيهِ الْقَائِلُ:

أَبُو أُحَيْحَةَ:

أَبُو أُحَيْحَةَ مَنْ يَعْتَمّ عِمّتَهُ ... يُضْرَبُ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَذَا عَدَدِ

وَكَانَ إذَا اعْتَمّ لَمْ يَعْتَمّ قُرَشِيّ إعْظَامًا لَهُ «٢» ، وَقَدْ قِيلَ فِي عِمّتِهِ أَيْضًا مَا أَنْشَدَهُ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ الْجَاحِظُ:

وَكَانَ أَبُو أُحَيْحَةَ قَدْ عَلِمْتُمْ ... بِمَكّةَ غَيْرَ مُهْتَضِمٍ ذَمِيمِ

إذَا شَدّ الْعِصَابَةَ ذَاتَ يَوْمٍ ... وَقَامَ إلَى الْمَجَالِسِ والخصوم


(١) الحجزة: معقد الإزار
(٢) انظر أيضا ص ٧٨ الاشتقاق، وفيه يقول فوق ما ذكره السهيلى: أحيحة: تصغير: أحة، وهو ما يجده الإنسان فى قلبه من حرارة غيظ وحزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>