للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَنْ فَقِهَ حَدِيثَ الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ:

فَصْلٌ: وَمِمّا فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ مِنْ الْفِقْهِ أَنّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ نُصَلّي فِي السّفِينَةِ إذَا رَكِبْنَا فِي الْبَحْرِ؟

فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلّ قَائِمًا إلّا أَنْ تَخَافَ الْغَرَقَ. خَرّجَهُ الدّارَقُطْنِيّ، وَلَكِنْ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَفِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: وَصَلّى أَنَسٍ فِي السّفِينَةِ جَالِسًا. وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ عَنْ الْحَسَنِ: يُصَلّي قَائِمًا إلّا أَنْ يَضُرّ بِأَهْلِهَا.

حَوْلَ كِتَابِ النّجَاشِيّ وَالصّلَاةِ عَلَيْهِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ الْكِتَابُ الّذِي كَتَبَهُ النّجَاشِيّ، وَجَعَلَهُ بَيْنَ صَدْرِهِ وَقَبَائِهِ، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: أَشْهَدُ أَنّ عِيسَى لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَفِيهِ مِنْ الْفِقْهِ أَنّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُكَذّبَ كَذِبًا صُرَاحًا، وَلَا أَنْ يُعْطِيَ بِلِسَانِهِ الْكُفْرَ، وَإِنْ أُكْرِهَ مَا أَمْكَنَهُ الْحِيلَةُ، وَفِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ «١» ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَيْسَ بِالْكَاذِبِ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَقَالَ خَيْرًا. رَوَتْهُ أُمّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ. قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنْ يُعَرّضَ، وَلَا يُفْصِحُ بِالْكَذِبِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْته يَسْتَغْفِرُ لَك، وَيَدْعُو لَك، وَهُوَ يَعْنِي أَنّهُ سَمِعَهُ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَدْعُو لَهُمْ؛ لِأَنّ الْآخَرَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَحْتَالُ فِي التّعْرِيضِ


(١) إن فى المعاريض لمندوحة عن الكذب، أخرجه- كما يقول ابن الأثير- أبو عبيد وغيره، وهو حديث مرفوع. والمعاريض: جمع معراض من التعريض، وهو خلاف التصريح من القول، يقال: عرفت ذلك فى معراض كلامه ومعرض كلامه. ومندوحة: فسحة وسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>