للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنّي قَدْ أَسْلَمْت: وَدَخَلْت فِي دِينِ مُحَمّدٍ؟ قال: فو الله مَا رَاجَعَهُ حَتّى قَامَ يَجُرّ رِدَاءَهُ وَاتّبَعَهُ عُمَرُ، وَاتّبَعْت أَبِي، حَتّى إذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:

يَا مَعْشَرَ قريش، وهم فى أنديتهم حول باب الْكَعْبَةِ، أَلَا إنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ قَدْ صبأ، قال: يَقُولُ عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ: كَذَبَ، وَلَكِنّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إلَه إلّا اللهُ، وَأَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَثَارُوا إلَيْهِ، فَمَا بَرِحَ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ حَتّى قَامَتْ الشّمْسُ عَلَى رؤسهم. قال: وطلح، فتعد وَقَامُوا عَلَى رَأْسِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَأَحْلِفُ بِاَللهِ أَنْ لَوْ قَدْ كنّا ثلثمائة رجل لتركناها لكم، أو لتركتموها لَنَا، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، إذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَلَيْهِ حُلّةٌ حِبْرَةٌ، وَقَمِيصٌ مُوَشّى، حَتّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟

قَالُوا: صَبَا عُمَرُ، فَقَالَ: فَمَهْ، رَجُلٌ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا، فَمَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَتَرَوْنَ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ يُسْلِمُونَ لَكُمْ صَاحِبَهُمْ هَكَذَا؟! خلّوا عن الرجل. قال: فو الله لَكَأَنّمَا كَانُوا ثَوْبًا كُشِطَ عَنْهُ. قَالَ: فَقُلْت لِأَبِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ:

يَا أَبَتْ، مَنْ الرّجُلُ الّذِي زَجَرَ الْقَوْمَ عَنْك بمكة يوم أسلمت، وهم يقاتلونك؟

فقال: ذلك، أَيْ بُنَيّ، الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السّهْمِيّ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنّهُ قَالَ: يَا أَبَتْ، مَنْ الرّجُلُ الّذِي زَجَرَ القوم عنك يَوْمَ أَسْلَمْتَ، وَهُمْ يُقَاتِلُونَك، جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا؟ قَالَ:

يَا بُنَيّ ذَاكَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ، لَا جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بَعْضِ آلِ عُمَرَ، أَوْ بَعْضِ أَهْلِهِ، قَالَ. قَالَ عُمَرُ: لَمّا أَسْلَمْتُ تِلْكَ اللّيْلَةَ، تَذَكّرْت أَيّ أهل مكّة

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>