للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «١» : «وَأَلّا يَمَسّ الْقُرْآنَ إلّا طَاهِرٌ» لَيْسَ عَلَى الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ فِيهِ أَبْيَنَ مِنْهُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنّهُ جَاءَ بِلَفْظِ النّهْيِ عَنْ مَسّهِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَلَكِنْ فِي كتابه إلى هرقل بهذه الاية:

يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ آل عِمْرَانَ: ٦٤ دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ، وَقَدْ ذَهَبَ دَاوُدَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَطَائِفَةٌ مِمّنْ سَلَفَ، مِنْهُمْ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَحَمّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إلَى إبَاحَةِ مَسّ الْمُصْحَفِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَاحْتَجّوا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِهِ إلَى هِرَقْلَ، وَقَالُوا: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مُرْسَلٌ، فَلَمْ يروه حجة، والدار قطنى قد أسنده من طرق حسان، أقواها: رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ الطّيَالِسِيّ عَنْ الزّهْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ، وَمِمّا يُقَوّي أَنّ الْمُطَهّرِينَ فِي الْآيَةِ هُمْ الْمَلَائِكَةُ، أَنّهُ لَمْ يَقُلْ: الْمُتَطَهّرُونَ، وَإِنّمَا قَالَ الْمُطَهّرُونَ، وَفَرْقٌ مَا بَيْنَ الْمُتَطَهّرِ وَالْمُطَهّرِ: أَنّ الْمُتَطَهّرَ مِنْ فِعْلِ الطّهُورِ «٢» ، وَأَدْخَلَ نَفْسَهُ فِيهِ كَالْمُتَفَقّهِ مَنْ يُدْخِلُ نَفْسَهُ فِي الْفِقْهِ، وَكَذَلِكَ الْمُتَفَعّلُ فِي أكثر الكلام، وأنشد سيبويه:


(١) هو فى الموطأ، وعند أبى داود فى المراسيل من حديث الزهرى، قال: قرأت فى صحيفة عند أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ولا يمس القرآن إلا طاهر» ويعلق ابن كثير على هذا بقوله: ومثل هذا لا ينبغى الأخذ به. وقال عن سندى الدارقطنى للحديث: وفى إسناد كل منهما نظر. أقول: والضمير فى الاية يرجع الى الكتاب المكنون لا إلى القرآن
(٢) الطهور- بضم الطاء- التطهر، وبفتحها الماء، وإن كان سيبويه يرى أن الطهور- بفتح الطاء يقع على الماء والمصدر معا.

<<  <  ج: ص:  >  >>