. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَيْرَ أَنّهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَشْبَهُ قَلِيلًا لِتَقَدّمِ ذِكْرِ مُطْعِمٍ، فَكَأَنّهُ قَالَ: أَبَقِيَ مَجْدُ هَذَا الْمَذْكُورِ الْمُتَقَدّمِ ذِكْرُهُ مُطْعِمًا. وَوَضَعَ الظّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ، كَمَا لَوْ قُلْت:
إنّ زَيْدًا ضَرَبْت جَارِيَتَهُ زَيْدًا، أَيْ: ضَرَبْت جَارِيَتَهُ إيّاهُ، وَلَا بَأْسَ بِمِثْلِ هَذَا، وَلَا سِيّمَا إذَا قَصَدْت قَصْدَ التّعْظِيمِ وَتَفْخِيمَ ذِكْرِ الْمَمْدُوحِ، كَمَا قال الشاعر:
ومالى أَنْ أَكُونَ أَعِيبُ يَحْيَى ... وَيَحْيَى طَاهِرُ الْأَثْوَابِ بَرّ
وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عِنْدِي عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ: وَبَكّي عَظِيمَ الْمَشْعَرَيْنِ، وَيَكُونُ الْمَفْعُولُ مِنْ قَوْلِهِ: أَبْقَى مَجْدُهُ مَحْذُوفًا، فَكَأَنّهُ قَالَ: أَبْقَاهُ مَجْدُهُ أَبَدًا، وَالْمَفْعُولُ لَا قُبْحَ فِي حَذْفِهِ، إذَا دَلّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ كَمَا فِي هَذَا الْبَيْتِ.
وَذَكَرَ قَوْلَ حَسّانَ فِي هِشَامِ بْنِ عمرو، وقال فيه: للحارث بن حبيّب ابن سُخَامٍ، وَقَدْ تَقَدّمَ نَسَبُهُ، وَهُوَ حُبَيْبٌ بِالتّخْفِيفِ تَصْغِيرُ حِبّ، وَجَعَلَهُ حَسّانُ تَصْغِيرَ حَبِيبٍ، فَشَدّدَهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الضّرُورَةِ؛ إذْ لَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ فِي فُلَيْسٍ: فُلَيّسٍ، وَلَا فِي كُلَيْبٍ: كُلَيّبٍ فِي شِعْرٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَكِنْ لَمّا كَانَ الْحِبّ وَالْحَبِيبُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ جَعَلَ أَحَدُهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ، وَهُوَ حَسَنٌ فِي الشّعْرِ، وَسَائِغٌ فِي الْكَلَامِ، وَهِشَامُ بْنُ عَمْرٍو هَذَا أَسْلَمُ، وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِيمَا ذَكَرُوا.
وَقَوْلُهُ: ابْنُ سُخَامٍ، هُوَ: اسْمُ أُمّه، وَأَكْثَرُ أَهْلِ النّسَبِ يَقُولُونَ فِيهِ: شُحَام بِشِينِ مُعْجَمَةٍ، وَأَلْفَيْت فِي حَاشِيَةِ كِتَابِ الشّيْخِ أَنّ أَبَا عُبَيْدَةَ النّسّابَة وَعَوَانَةَ يَقُولُونَ فِيهِ: سُحَامٌ بِسِينِ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ، وَاَلّذِي فِي الْأَصْلِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute