قال: فو الله مَا زَالُوا بِي حَتّى أَجْمَعْتُ أَنْ لَا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا أُكَلّمَهُ، حَتّى حَشَوْتُ فِي أُذُنَيّ حِينَ غَدَوْتُ إلَى الْمَسْجِدِ كُرْسُفًا فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَنَا لَا أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَهُ. قَالَ: فَغَدَوْت إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- قَائِمٌ يُصَلّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ. قَالَ: فَقُمْت مِنْهُ قَرِيبًا، فَأَبَى اللهُ إلّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ. قَالَ: فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا. قال: فقلت فى نفسى: واثكل أُمّي!! وَاَللهِ إنّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيّ الْحَسَنُ مِنْ الْقَبِيحِ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرّجُلِ مَا يَقُولُ! فَإِنْ كَانَ الّذِي يَأْتِي بَهْ حَسَنًا قَبِلْتُهُ، وإن كان قبيحا تركته.
قَالَ: فَمَكَثْت حَتّى انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- إلَى بَيْتِهِ فَاتّبَعْتُهُ، حَتّى إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْت: يَا محمد، إنّ قومك قالوا لى كذا وكذا- للذى قالوا- فو الله مَا بَرِحُوا يُخَوّفُونَنِي أَمْرَك حَتّى سَدَدْت أُذُنَيّ بِكُرْسُفٍ لِئَلّا أَسْمَعَ قَوْلَك، ثُمّ أَبَى اللهُ إلّا أَنْ يُسْمِعَنِي قَوْلَك، فَسَمِعْتُهُ قَوْلًا حَسَنًا، فاعرض على مرك. قَالَ: فَعَرَضَ عَلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيّ الْقُرْآنَ، فَلَا وَاَللهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ، قَالَ: فَأَسْلَمْت، وَشَهِدْت شَهَادَةَ الْحَقّ، وَقُلْت:
يَا نَبِيّ اللهِ إنّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي، وَأَنَا رَاجِعٌ إلَيْهِمْ، وَدَاعِيهمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً تَكُونُ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوهُمْ إلَيْهِ فَقَالَ: اللهُمّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً.
قَالَ: فَخَرَجْت إلَى قَوْمِي، حَتّى إذَا كُنْت بِثَنِيّةٍ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ وَقَعَ
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute