للانسان ويطلعه على ما يزعم من الغيب، ويلقى إليه الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله، أو فعله أو حاله، وهذا يخصونه باسم العراف، كالذى يدعى معرفة الشئ المسروق ومكان الضالة ونحوهما..، وجمع كاهن. كهنة وكهّان، ومنه حديث الجنين: إنما هذا من إخوان الكهان. إنما قال له ذلك من أجل سجعه الذى سجع، ولم يعبه بمجرد السجع دون ما تضمن سجعه من الباطل.. وإنما ضرب المثل بالكهان لأنهم كانوا يروجون أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق السامعين، فيستميلون بها القلوب، ويستصغون إليها الأسماع» أما الراغب فجعل الكاهن هو الذى يخبر بالأخبار الماضية الخفية بضرب من الظن، والعراف الذى يخبر بالأخبار المستقبلة على نحو ذلك. وفى القاموس من تعريفات الكاهن: من يقوم بأمر الرجل، ويسعى فى حاجته، وقد فصّل المسعودى القول فى الكهانة وأنواعها وتنازع الناس فيها، وينسب إلى حكماء اليونان أن صنفا منهم ادعى أن نفوسهم قد صفت، فهى مطلعة على أسرار الطبيعة، وعلى ما تريد أن يكون منها؛ لأن صور الأشياء عندهم فى النفس الكلية، وصنف منهم ادّعى أن الأرواح المنفردة- وهى الجن- تخبرهم بالأشياء قبل كونها، أما النصارى فنسبوا إلى المسيح أنه كان يعلم الغائبات من الأمور، ويخبر عن الأشياء قبل كونها. لأنه كانت فيه نفس عالمة بالغيب، ولو كانت تلك النفس فى غيره من أشخاص الناطقين لكان يعلم الغيب. ثم يقول المسعودى: «ولا أمة خلت إلا وقد كان فيها كهانة، ولم يكن الأوائل من الفلاسفة اليونانية يدفعون الكهانات» .. ثم يقول: «وطائفة ذهبت إلى أن التكهن سبب نفسانى لطيف. يتولد من صفاء مزاج الطباع، وقوة النفس، ولطافة الحس. وذكر كثير من الناس أن الكهانة تكون من قبل شيطان يكون مع الكاهن يخبره بماغاب عنه، وأن الشياطين كانت تسترق السمع، وتلقيه على ألسنة الكهان، فيؤدون إلى الناس الأخبار بحسب ما يرد إليهم» ص ١٧٢ ج ٢ مروج الذهب. فما موقف الإسلام من هذا؟ يقول ربنا