للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْبَحَ غَدَا عَلَى قُرَيْشٍ، فَأَخْبَرَهُمْ الْخَبَرَ. فَقَالَ أَكْثَرُ النّاسِ: هَذَا وَاَللهِ الْإِمْرُ الْبَيّنُ، وَاَللهِ إنّ الْعِيرَ لَتُطْرَدُ شَهْرًا مِنْ مَكّةَ إلَى الشّامِ مُدْبِرَةً، وَشَهْرًا مُقْبِلَةً، أَفَيَذْهَبُ ذَلِكَ مُحَمّدٌ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَرْجِعُ إلَى مَكّةَ! قَالَ: فَارْتَدّ كَثِيرٌ مِمّنْ كَانَ أَسْلَمَ، وَذَهَبَ النّاسُ إلى أبى بكر، فَقَالُوا لَهُ: هَلْ لَك يَا أَبَا بَكْرٍ فِي صَاحِبِك، يَزْعُمُ أَنّهُ قَدْ جَاءَ هَذِهِ اللّيْلَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَصَلّى فِيهِ، وَرَجَعَ إلَى مَكّةَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: إنّكُمْ تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: بَلَى، هَا هُوَ ذَاكَ فِي الْمَسْجِدِ يُحَدّثُ بِهِ النّاسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاَللهِ لَئِنْ كَانَ قَالَهُ لَقَدْ صَدَقَ، فما يعجبكم من ذلك؟! فو الله إنه ليخبرنى أنّ الخبر ليأتيه مِنْ السّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَأُصَدّقُهُ، فَهَذَا أَبْعَدُ مِمّا تَعْجَبُونَ مِنْهُ، ثُمّ أَقْبَلَ حَتّى انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يَا نَبِيّ اللهِ. أَحَدّثْتَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَنّك أتيت الْمَقْدِسِ هَذِهِ اللّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَا نَبِيّ اللهِ، فَصِفْهُ لِي، فَإِنّي قَدْ جِئْته- قَالَ الْحَسَنُ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

فَرُفِعَ لِي حَتّى نَظَرْتُ إلَيْهِ- فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصِفُهُ لِأَبِي بَكْرٍ: وَيَقُول أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ، أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ اللهِ، كَلَمّا وَصَفَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ: صَدَقْتَ، أَشْهَدُ أَنّك رَسُولُ الله، حتى انْتَهَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي بَكْرٍ: وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقُ، فَيَوْمَئِذٍ سَمّاهُ الصّدّيقَ.

قَالَ الْحَسَنُ: وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيمَنْ ارْتَدّ عَنْ إسْلَامِهِ لِذَلِكَ: (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ، وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ، وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً» الإسراء: ٦٠.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>