بشىء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه، ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك أن عيرهم الان تصوب مِنْ الْبَيْضَاءِ، ثَنِيّةِ التّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ، عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ، إحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ، وَالْأُخْرَى بَرْقَاءُ. قَالَتْ: فَابْتَدَرَ الْقَوْمُ الثّنِيّةَ، فَلَمْ يَلْقَهُمْ أَوّلُ مِنْ الْجَمَلِ كَمَا وَصَفَ لَهُمْ، وَسَأَلُوهُمْ عَنْ الْإِنَاءِ، فأخبروهم أنهم وضعوه مملوآ مَاءً ثُمّ غَطّوْهُ، وَأَنّهُمْ هَبّوا فَوَجَدُوهُ مُغَطّى كَمَا غَطّوْهُ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً. وَسَأَلُوا الْآخَرِينَ وَهُمْ بِمَكّةَ، فَقَالُوا: صَدَقَ وَاَللهِ، لَقَدْ أنفرنا فى الوادى الذى ذكره، وندّلنا بَعِيرٌ، فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إلَيْهِ، حَتّى أخذناه.
ــ
الأبتر والكوثر:
فصل: وذكر قول العاصى بْنِ وَائِلٍ: إنّ مُحَمّدًا أَبْتَرُ إذَا مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ قَوْلَهُ مِنْ سُورَةِ الْكَوْثَرِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ إسْحَاقَ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسّرِينَ. وَقِيلَ: إنّ أَبَا جَهْلٍ هُوَ الذى قال ذلك. وقد قيل: كعب ابن الْأَشْرَفِ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْأَخِيرِ أَنْ تَكُونَ سُورَةُ الْكَوْثَرِ مَدَنِيّةً، وَقَدْ رَوَى يُونُسُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجُعْفِيّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيّ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَلِيّ، قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ بَلَغَ أَنْ يَرْكَبَ الدّابّةَ، وَيَسِيرَ عَلَى النّجِيبَةِ، فَلَمّا قَبَضَهُ اللهُ، قَالَ الْعَاصِي: أَصْبَحَ مُحَمّدٌ أَبْتَرُ مِنْ ابْنِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ» عوضا يَا مُحَمّدُ مِنْ مُصِيبَتِك بِالْقَاسِمِ: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» وَلَمْ يَقُلْ: إنّ شَانِئَك أَبْتَرُ «١» يَتَضَمّنُ اخْتِصَاصَهُ بِهَذَا الْوَصْفِ، لِأَنّ هُوَ فِي مِثْلِ هَذَا
(١) فى الكلام نقص لعله: «فقوله: هو الأبتر» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute