للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى من بعدهم، كما تروى الْآنِيّةُ فِي الْحَوْضِ، وَتَسْقِي الْوَارِدَةُ عَلَيْهِ: تَقُولُ:

رَوَيْت الْمَاءَ، أَيْ: اسْتَقَيْته كَمَا تَقُولُ: رَوَيْت الْعِلْمَ، وَكِلَاهُمَا فِيهِ حَيَاةٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنْ رَوَى عِلْمًا أَوْ شِعْرًا: رَاوِيَةً تَشْبِيهًا بِالْمَزَادَةِ أَوْ الدّابّةِ الّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَاءُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ عَلّامَةٍ وَنَسّابَةٍ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ أَنّهَا تَنْزُو فِي أَكُفّ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي الْآنِيّةَ، وَحَصْبَاءُ الْحَوْضِ: اللّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتِ «١» ، وَيُقَابِلُهُمَا فِي الدّنْيَا الْحِكَمُ الْمَأْثُورَةُ عَنْهُ، أَلّا تَرَى أَنّ اللّؤْلُؤَ فِي عِلْمِ التّعْبِيرِ حِكَمٌ وَفَوَائِدُ عِلْمٍ، وَفِي صِفَةِ الْحَوْضِ لَهُ الْمِسْكُ، أَيْ: حَمْأَتُهُ «٢» وَيُقَابِلُهُ فِي الدّنْيَا: طِيبُ الثّنَاءِ عَلَى الْعُلَمَاءِ، وَأَتْبَاعِ النّبِيّ الْأَتْقِيَاءِ، كَمَا أَنّ الْمِسْكَ، فِي: عِلْمِ التّعْبِيرِ ثَنَاءٌ حَسَنٌ، وَعِلْمٌ التّعْبِيرِ مِنْ عِلْمِ النّبُوءَةِ مُقْتَبَسٌ. وَذَكَرَ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ الطّيْرَ الّتِي تَرُدّهُ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ «٣» ، وَيُقَابِلُهُ مِنْ صِفَةِ الْعِلْمِ فِي الدّنْيَا وُرُودُ الطّالِبِينَ مِنْ كُلّ صُقْعٍ «٤» وَقُطْرٍ عَلَى حَضْرَةِ الْعِلْمِ وَانْتِيَابِهِمْ إيّاهَا فِي زَمَنِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَعْدَهُ، فَتَأَمّلْ صِفَةَ الْكَوْثَرِ مَعْقُولَةٌ فِي الدّنْيَا، مَحْسُوسَةٌ فِي الْآخِرَةِ مدركة


(١) فى حديث رواه النسائى: حصباؤه اللؤلؤ والياقوت
(٢) كذا بالأصل، والحمأة: الطين الأسود، وفى حديث رواه البخارى عن الكوثر: «فإذا طينه مسك أذفر» . وفى حديث رواه أحمد: «فضربت بيدى فى ترابه، فإذا مسك أذفر» ، وفى حديث آخر: «وضرب بيده إلى أرضه، فأخرج من طينه المسك» .
(٣) البخت: نوع من الإبل طويلة الأعناق، وقد ذكرت فى حديث رواه الترمذى، وصححه الحاكم، وفيه: أو أعناق الجزر، جمع جزور: البعير.
(٤) ناحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>